الروايات الواردة في هذا المجال ، هو الحل للمشكلة .. وقد وردت هناك أخبار كثيرة حول تعيين أهل البيت عليهمالسلام بحيث ترجح على الأخبار الأخرى من ناحية كثرتها ، وانسجامها مع الجو الرسالي باعتبار أنهم يمثلون الامتداد الروحي والعملي في خط القيادة الرسالي .. مما لا يجعل من المسألة حالة ذاتية في الشخصية النبوية بل حالة رسالية .. وهذا بالإضافة إلى أن هذا التفسير كان مشهورا في عهد أئمة أهل البيت عليهمالسلام بحيث تحدثوا عنه في أكثر من موقع حتى جرى على لسان الشعراء كما ورد في قصيدة الكميت في قوله :
وجدنا لكم في آل حم آية |
|
تأوّلها منا تقيّ ومعرب |
مما يجعلنا نطمئن إلى ذلك ..
وقد روى صاحب الدر المنثور حديثا آخر ، قال : «أخرج أحمد ، وعبد ابن حميد ، والبخاري ، ومسلم ، والترمذي ، وابن جرير ، وابن مردويه ، من طريق طاوس عن ابن عباس أنه سئل عن قوله : (إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى) فقال سعيد بن جبير : قربى آل محمد فقال ابن عباس ـ رضي الله عنه ـ : عجلت إن النبي لم يكن بطن من قريش إلا كان فيهم قرابة فقال : إلا أن تصلوا ما بيني وبينكم من القرابة (١).
ولكن هذه الرواية لا تسلم من النقد الذي ألمحنا إليه في ما تقدم ، لأنّ قرابتهم له لا تمثل معنى مطلوبا في ذاته إلا بلحاظ كونها طريقا للانسجام معه في خط الرسالة ، باتباعهم له أو بتركهم إياه دون معارضة ، ممّا يعرف النبيّ أنه طريق مسدود أمامه .. في الوقت الذي لا توحي فيه الآية إلا بالمعنى الذاتي للمودّة الذي لا يرجع إلى معنى مقبول ، وهذا هو كل ما نستطيع معالجته من معنى الآية ، والله العالم بحقائق آياته.
* * *
__________________
(١) السيوطي ، جلال الدين ، الدر المنثور في التفسير بالمأثور دار الفكر ، بيروت ـ لبنان ، ١٩٩٣ م ـ ١٤١٤ ه ، ج : ٣ ، ص : ٣٤٥ ـ ٣٤٦.