ليجدوا فيها النموذج الأمثل الذي يصرّ على الاستمرار في الدعوة إلى نهاية المطاف ، من دون أيّة حالة صعبة من التعب النفسي ، فقد نلاحظ فيها أن نوحا النبي الداعية لم يتعب ولم يطلب من الله السماح له بالابتعاد عن ساحة الدعوة ، بل طلب منه تدمير هذا المجتمع ، وخلق مجتمع جديد ينفتح على الرسالة لتنفتح الرسالة عليه في تجارب جديدة نحو واقع إيمانيّ متحرك في خط الإيمان والتقوى والطاعة.
وقد نحتاج إلى أن نستوحي هذه السورة التي تتميز بأسلوبها الذي ينطلق فيه النبي ليقدم تقريره إلى الله بأسلوب الدعاء ، لينتظر أوامره الجديدة في المرحلة المقبلة ، على أساس ذلك ، لنجعل منها وثيقة رسالية حيّة نتعلم فيها الصبر والمعاناة والاستمرار في الدعوة إلى الله ، حتى نستفيد من التجارب كلها ، كما نأخذ منها التجربة الروحية التي يلجأ فيها الداعية إلى ربه ، ليستلهمه الرأي السديد والروحية الصافية المنفتحة على مواقع رضاه ، وليفتح قلبه له ، ليشهده على أنه لا يزال في الموقع الرسالي ، بالرغم من كل أثقال الضغوط التي تسيطر عليه من كل جانب.
* * *