الوضوح في الرؤية كأقوى ما يكون ، وأن يمثّل القوّة في الموقف لدى الناس الذين يلتقيهم ليؤكد لهم صفته من خلال موقفه ، فكيف يمكن أن يأتي من موعد الوحي مهتزا خائفا مرعوبا ، كما يوحي به جوّ الرواية.
ومهما كان الأمر في الأقوال في مسألة وقت نزول السورة ، فإن من المتّفق عليه أنها من السور المكية النازلة في أوائل الدعوة.
وقد انطلقت هذه السورة في نداء صارخ متحرك للبدء بالإنذار في شروطه المادية والمعنوية التي يريد الله للنبي ولكل داعية من بعده أن يحيط بها موقفه ودوره ، وفي وعيد للمكذّبين في بعض نماذجهم في مكة ، الذين كانوا يتهمون الدعوة بالسحر ليحوّلوا صورة النبي في نظر الناس إلى صورة الساحر الذي يسحر عقول الناس بدلا من صورة النبي الذي يهديهم ، فيؤكد الله سبحانه وتعالى ، بأنهم سيصلون سقر. ثم يتحدث في نهاية السورة عن المجرمين الذين يدخلون سقر ليفصّل الأسباب التي أدّت بهم إلى هذا المصير الأسود ، في ابتعادهم عن أداء الصلاة وإيتاء الزكاة ، وخوضهم بالباطل وتكذيبهم بيوم الدين ، في أجواء غير مسئولة ، لأنها لا تنطلق من تقدير الموقف على أساس الاستماع إلى حقائق الوحي ، بل من الاستسلام للأهواء الذي يدفع بها إلى الإعراض عن التذكرة التي يثيرها الرسول ، فهم سادرون في غيّهم ، لاهون في عبثهم ، مستغرقون في غفلتهم ، فلا يستفيقون منها إلا أن يشاء الله ، فهو أهل التقوى وأهل المغفرة.
* * *