جابر بن عبد الله عن ذلك ، وقلت له مثل ما قلت. فقال جابر : لا أحدّثك إلا ما حدّثنا به رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : جاورت بحراء ، فلما قضيت جواري هبطت ، فنوديت ، فنظرت عن يميني فلم أر شيئا ، ونظرت عن شمالي فلم أر شيئا ، ونظرت أمامي فلم أر شيئا ، ونظرت خلفي فلم أر شيئا ، فرفعت رأسي فرأيت شيئا ، فأتيت خديجة فقلت : دثّروني وصبّوا عليّ ماء باردا قال : فدثّروني وصبّوا على ماء باردا ، قال : فنزلت : (يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ* قُمْ فَأَنْذِرْ* وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ)» (١). وهناك رواية مماثلة في صحيح البخاري عن جابر بن عبد الله يحدّث عن فترة الوحي ، فقال في حديثه : «فبينا أنا أمشي إذ سمعت صوتا من السماء ، فرفعت بصري فإذا الملك الذي جاءني بحراء ، جالس على كرسيّ بين السماء والأرض ، فرعبت منه ، فرجعت فقلت : زمّلوني ، فأنزل الله تعالى : (يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ* قُمْ فَأَنْذِرْ* وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ). إلى .. (وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ) فحمي الوحي وتتابع» (٢).
ويعلّق صاحب مجمع البيان على ذلك فيقول : «وفي هذا ما فيه ، لأن الله تعالى لا يوحي إلى رسوله إلا بالبراهين النيّرة ، والآيات البيّنة ، الدالة على أن ما يوحي إليه إنما هو من الله تعالى فلا يحتاج إلى شيء سواها ، ولا يفزع ولا يفرق» (٣).
ونحن نؤكّد ما ذكره صاحب المجمع ـ في ملاحظته ـ لأن مثل هذا الجو الذي توحي به مثل هذه الروايات ليس هو الجو الذي يتناسب مع وعي النبيّ لدوره الرسالي ولرسالته ، وفي الوقت الذي تفرض فيه النبوّة عليه أن يعيش
__________________
(١) البخاري ، أبو عبد الله ، محمد بن إسماعيل ، الجامع الصحيح المسند من حديث رسول الله (ص) وسننه وأيامه ، دار إحياء التراث العربي. بيروت ـ لبنان ، ج : ٣ ، ص : ٣١٧ ، حديث : ٤٩٢٢.
(٢) (م. ن) ، ج : ١ ، ص : ١٥ ، حديث : ٤.
(٣) مجمع البيان ، ج : ١٠ ، ص : ٥٧٩ ـ ٥٨٠.