واللهاث الشديد ، كتعبير عن المشقة التي يعانيها الإنسان عند صعود الجبل ، وقد يكون ذلك واردا على سبيل الكناية عن العذاب الذي ينتظره في جهنم في عقبات النار الوعرة الصعبة الصعود.
(إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ) لقد كان يعيش في حيرة الإنسان الباحث عن ثغرة في شخصية النبي محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم ، لينفذ منها لتشويه صورته في نظر الآخرين ، وعن ثغرة في آيات القرآن ، في كلماته وأسلوبه ومعانيه ، ليجد فيها بعض النقص الذي يستطيع من خلاله أن يبعد الفكرة التي توحي للناس بأنه وحي من الله ، وهكذا فكّر ... وعصر فكره ، وأثار كل الاحتمالات ، فلم يصل إلى نتيجة ... وتنظر إليه يقطب وجهه تارة ، ويمسك رأسه بيديه أخرى ، ويقلب عينيه في السماء ثالثة ، لعلّ فكرة تأتي من هنا وهناك ، فأدار القول في نفسه في عملية ترتيب للأفكار الحائرة الباطلة في حركة المواجهة للحقّ ، (فَقُتِلَ) إنه الدعاء عليه بالهلاك لإساءته إلى معنى الفكر في عقل الإنسان الذي يريد أن يبني الخير في الحياة ، ويفسح المجال لاكتشاف المزيد من مواقع الحق ، (كَيْفَ قَدَّرَ) وأعطى خيال الشرّ في ذاته ليثير كلمة الباطل في المجتمع.
ويتكرر الدعاء والاستنكار لتأكيد خطورة القضية (ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ) ... ثم تتبدل ملامحه في صورة كريهة ، (ثُمَّ نَظَرَ) في موقف استعراضيّ يوحي بالحيرة التي تطوف به في جولة حول الخيال ، (ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ) أي كلح وجهه ونظر بكراهة شديدة ، متهيئا لأخذ وضعية متحفزة ، (ثُمَّ أَدْبَرَ) عن الحقيقة التي كانت واضحة في وحي الله ، (وَاسْتَكْبَرَ) عن الإذعان له في ما يفرضه الوجدان من قناعة مؤكدة ، لأن المشكلة في هؤلاء المستكبرين أنهم يعتبرون ذاتهم كل شيء في تقييم الحقيقة ، فلا يتحركون أبعد من تلك الدائرة التي يحصر بها الكافرون ذواتهم.
* * *