الجني من غير المجاري الطبيعية ، وما ذلك إلّا لمقامها ومنزلتها الرفيعة عند الله سبحانه والروح الزكية والنفس الطاهرة التي كانت تتحلّى بها ، وهذه كرامة عظيمة لمريم عليهاالسلام ، ومن المعلوم أنّ مريم ما كانت تدّعي مقاماً ما.
إلى هنا تعرفنا على ما يتعلّق بمصطلحي : «المعجزة» ، و «الكرامة» ، ومن الحريّ بنا أن نتعرّف على مصطلح ومفهوم آخر وهو «التبرّك».
ما هو التبرّك؟
التبرّك لغة مشتق من «البركة» بمعنى الزيادة في النعمة.
وأمّا اصطلاحاً فهو : طلب الموحّدين إفاضة النعم عليهم وزيادة البركة من خلال التبرّك بالذوات الصالحة للنبي الأكرم والصالحين من عباده ، أو التبرّك بآثارهم الباقية.
وهذا لا يعني أنّ المتبرّك يسد في وجهه الطرق والأسباب الطبيعية لتحقيق مراده والأُمور التي يتوخّاها ، بل في الوقت الذي يعتمد فيه الأسباب والعلل الطبيعية ، يبقي أمامه باب التبرّك مفتوحاً ليتسنّى له من خلاله نيل الفيض الإلهي النازل من خلال هذا الطريق بالإضافة إلى الفيوضات النازلة من خلال الطرق والأسباب الطبيعية.
ومن المسلّم به أنّه لا توجد علاقة مادية بين آثار الأنبياء عليهمالسلام والصالحين ، وبين الخيرات التي يجنيها الإنسان من خلال هذا الطريق ، ولكن ـ كما قلنا سابقاً ـ انّ الفيوضات الإلهية تارة تفاض على العباد من غير مجاريها الطبيعية حيث تتعلّق الإرادة الإلهية بأن تلبّى حاجات الإنسان المؤمن عن طريق التبرّك بشخص النبي أو الآثار المتبقية منه ، وهذه الحقيقة قد أكّدتها آيات الذكر الحكيم والروايات المتواترة ، أضف إلى ذلك أنّه لا يوجد مانع عقلي يمنع عن فاعلية آثار النبي