(بِالْبَيِّناتِ وَالزُّبُرِ) امّا يكون متعلقا بقوله : (لا تَعْلَمُونَ). أو بقوله : (فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ). وعلى كلا التقديرين فتدل الآية على ان مورد الأمر بالسؤال هو ما يكون جوابه موجبا للعلم فكأنّه قال : اذا لم تعلم ولم تعرف فاسئل حتى يحصل لك العلم والمعرفة. وإلّا فلو كان جواب المجيب خاليا عن البينة والبرهان فالسؤال عنه لا موقع له ولا مجال.
فالمقصود من الأمر بالسؤال ليس هو وجوب تصديق المسئول عنه بمجرد جوابه وكلامه ولأجل ذلك ان أهل السنة والجماعة فسّروا أهل الذكر بأهل الكتاب وقد اعترض عليهم الامامية (أيدهم الله بنصره) بأن الذي يأمرنا الله بالسؤال عنه يجب ان يكون ممن يلزم تصديقه ويحصل الحجة من قوله ومن المعلوم ان أهل الكتاب ليسوا كذلك ولا في كلامهم وجوابهم هذه المزيّة.
والحاصل ان عبدة الأوثان كانوا يتكلمون بكلمات فنزلت الآية الشريفة فإن قلنا ان أهل الذكر هم أهل الكتاب فهذا مناسب للآية الكريمة حيث ان أهل الكتاب ليسوا مسلمين ولا مشركين. واما ان فسرنا أهل الذكر بأهل البيت عليهمالسلام فربما يستشكل بأن الوثنيين لم يصدقوا النبي صلىاللهعليهوآله فبالطريق الأولى لا يصدّقون أهل بيته.
ولكن أقول : لو كان المقصود في السؤال عن المسئول عنه لزم ان يكون المسئول عنه معتمدا عند السائل. ولو كان المقصود هو السؤال مقرونا بالدليل والبرهان مثل ان يسأل السائل فيجيبه المسئول عنه بالرجوع الى من هو محل للاعتماد عند السائل والمسئول عنه كليهما. لكن قد يكون السائل عاميا جاهلا لكنه يورد ويعترض فالمسئول عنه حينئذ يرجع السائل الى عالم بالأمر من دون تصديق وتوثيق فيكون المعنى ان الجواب ليس عندي ولكن عند ذلك العالم.
والسؤال المأمور به في الآية من هذا القبيل بمعنى انّه اذا لم يكن عندكم بينة وبرهان فاسألوا أهل الذكر والعلم حتى يرشدوكم الى الدليل والبرهان والمعلوم ان