هو الحال في مورد اظهار التعظيم الذي عرف في اللغة والعرف بالقيام للمعظم له والسلام عليه وعدم التقدم عليه في المشي ونحو ذلك. لكن رئيس الجمند وقائد القوات يفرض على الجند أن يكون تعظيمهم له برفع قلانسهم عن رؤسهم. أو الضرب بأرجلهم على الأرض وأمثال ذلك ورفع أسلحتهم وغيره فهذا التعظيم المجعول والمفروض من قبل أمير الجيش إنما هو مصداق مجعول لمفهوم التعظيم في اللغة لم يكن معروفا قبل هذا الجعل. وهكذا حال الشارع الأقدس بعينه فإن العبادات الشرعية قسمان ، قسم تكون عباديته ذاتية بالنسبة اليه سبحانه کالركوع والسجود والطواف وهذا خارج عن البحث وقسم ليس له عنوان العبادة بالذات وإنما الشارع جعلها عبادات کالسعي بين الصفا والمروة والوقوف بعرفات وأمثال ذلك.
والحاصل أن الموضوعات الشرعية كالصلوة والصوم والحج والزکوة ليست من باب استعمال الشارع لها في غير معانيها اللغوية بل أنما هي مصادیق مجعولة من قبل الشارع للمفهوم اللغوي فإن الصلوة مثلا عبارة عن العطف والتوجه لكنها من الله تعالى الرحمة والعناية ومن العبد بالنسبة إلى الله سبحانه هي التذلل والمسكنة وبالنسبة إلى النبي وهي طلب الرحمة من الله له ومعهذا فان المفهوم في الجميع واحد وهو الاقبال والعطف.
فإذا كانت العبادات مصادیق مجعولة للمفهوم اللغوي فلا ارتکاب للتجوز بل هو من باب استعمال الرجل في معناه المعهود ثم تطبيقه على زيد نعم لو كان التطبيق في غير محله كما في زید عدل لكان التجوز في النسبة وأما في مورد جعل المصداق فلا مجاز في البين بوجه.
وإن شئت زيادة توضیح فانظر إلى الطهارة عن الخبث والحدث فان الخبث الذي يعرفه العرف هو المفهوم اللغوي له والذي يعرفه الشارع هو المصداق المجعول من قبله کبدن الكافر ـ فإن العرف يرى الكافر نظيفة ولكن الشارع يرى ذلك قذراً