ونجسا وهكذا في الاحداث.
إذا عرفت ذلك فاعلم : أنّ الصوم في اللغة ليس هو مطلق الإمساك ولهذا قال الخليل في كتاب العين (١) : انّه ترك الطعام والكلام الجامع بين سدّ الفم عما يدخل فيه ويخرج منه.
وأما قولهم : صامت الشمس فهو باعتبار انّه لما كانت الشمس متحركة على الدوام فهذا الركود الطفيف منها كف عن الحركة المعتادة فيعبر عنها بصوم الشمس وهكذا بالنسبة إلى كل شيء سكنت حركته. فمجرد الإمساك ليس هو الصوم بمعناه اللغوي بل انّ الصوم يصدق فيما إذا حصل الاعتياد فيه بشيء ثم يكف عنه.
فالصوم هو ما عرّفه الخليل في كتابه العين لكن الشارع رأى بعض الأمور موجبا لبطلان الصوم كالجماع والاستمناء وتعمد الإصباح جنبا وغيرها فهذه المفطرات أما جزء في حقيقة الصوم أو أنّ اعتبارها بنحو الشرطية. وتظهر الثمرة فيما إذا صام المكلف وهو لم يفهم من الصوم إلّا ترك الطعام والشراب ولم يأت بأيّ مفطر من المفطرات فعلى القول بأن الصوم هو ترك الطعام والكلام وإنّما المفطرات موانع له أو ان تركها معتبر فيه فقد حصلت منه نية الصوم وترك الطعام (إذ لم يعتبر الشارع ترك الكلام) ولم يأت بمانع من الموانع فالصوم وقع صحيحا. وهذا الوجه هو الظاهر. وأما على القول بأنّ الصوم هو مطلق الإمساك وقد جعله الشارع موضوعا في الشرع فالصوم هنا غير صحيح حيث انّه لم ينو ترك المفطرات وإن لم يرتكبها فهو غير ناو للصوم وإنّما الأعمال بالنيات ولا عمل إلّا بنية (٢).
__________________
(١) العين : ج ٢ ص ١٠٢٠ ـ قال : الصوم ترك الأكل وترك الكلام. وعلى هذا فالجملة التالية (الجامع بين سدّ الفم ...) ليس من الخليل بل هو توضيح من الأستاذ الجليل.
(٢) وسائل الشيعة : ج ١ ص ٤٦ و ٤٧ ـ الى ص ٥٣ ـ الباب ٥ ح ١ و ٢ و ٣ و ٤ و ٦ و ٩ و ١٠ والباب ٦ ح ١٥.