والفعل والحرف ، حتى يتضح الفرق بين كل واحد منها. فان قيل : لم كرّر المصنف بحث الحرف مع انه مرّ في بحث الوضع؟ وما هذا إلّا تضييع العمر واتلاف الوقت. قلنا ان الفائدة التي تترتب على التكرار امران :
الاول : بيان عدم المنافاة بين كون المعنى في الحرف كليا طبيعيا ، وبين كون المعنى جزئيا ذهنيا.
والثاني : بيان عدم المنافاة بين كون المعنى فيه كليا عقليا ، وبين كون المعنى جزئيا ذهنيا ، فلذا كرّر بحث الحرف وقال فاعلم انه وان اشتهر بين الاعلام ان الحرف ما دل على المعنى بواسطة الغير نحو (من) و (الى) فانهما يدلان على ابتداء الغاية وعلى انتهاء الغاية بواسطة (البصرة) و (الكوفة) في (نحو سرت من البصرة الى الكوفة).
لكن عرفت سابقا عدم الفرق بين معناها ومعنى الاسم ، وانه لم يلحظ الاستقلال بالمفهومية في الاسم كما انه لم يلحظ عدم الاستقلال بالمفهومية في الحرف ، فالفرق بين معنى الاسم ومعنى الحرف في كيفية الاستعمال لا في ذات الموضوع له ولا في نفس المستعمل فيه ، لانه اذا أريد المعنى حالة لغيره يكون معنى الحرف ، واذا اريد المعنى بما هو هو يكون معنى الاسم.
فبناء على هذا ، فان استعمل لفظ الابتداء في الابتداء الآلي ، ولفظ من استعمل في الابتداء الاستقلالي ، فلا يكون مجازا. وان كان هذا الاستعمال على خلاف الطريق الذي لاحظه الواضع في مقام الاستعمال ، فالمعنى سواء كان في الاسم أم كان في الحرف ، يكون كليا ، لانه قابل للانطباق على كثيرين. اذا علم هذا فاعلم انه يحتاج توضيح المطلب الى بيان امرين :
الاول : ان الشيء ما دام لم يتشخص لم يوجد ، سواء كان وجوده ذهنيا أم كان خارجيا.
والثاني : الوجود الذهني هو نفس تصور الذهن شيئا ، فلا بد ان يكون هذا الشيء جزئيا في الذهن حتى يوجد فيه ، لان الشيء ما دام لم يتشخص لم يوجد في