المبدإ في صدق المشتق حقيقة ، وبين كون المشتق مأخوذا من المبادئ المتعدية نحو (الضارب والعالم) المأخوذين من (الضرب والعلم) فلا يشترط بقاء المبدإ في صدق المشتق حقيقة.
ومنها : التفصيل بين ما تلبّس الذات بضد المبدإ فلا يصدق عليه المشتق بعد انقضاء المبدإ عنها كما في القائم اذا قعد أو القاعد اذا قام ، وبين من لم يتلبس بضد المبدإ فيصدق عليه المشتق بعد انقضاء المبدأ عنه كما في (الضارب) و (القاتل).
ومنها : التفصيل بين ما اذا كان المشتق محكوما عليه ، كما في قوله تعالى. (الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ واحِدٍ مِنْهُما مِائَةَ جَلْدَةٍ)(١)(وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُما)(٢) ، فيكون حقيقة في الاعم من المتلبس بالمبدإ في الحال وممن انقضى عنه المبدأ ، وبين ما اذا كان محكوما به نحو (زيد ضارب عمرا الآن أو غدا) ونحوه فيكون حقيقة في المتلبس بالمبدإ في الحال.
وقد اشار المصنف بقوله : «أو بتفاوت ما يعتريه من الاحوال» اي ما يعرض المشتق من الاحوال والاوصاف من كونه محكوما عليه مبتدأ وخبرا وصفة وحالا كما اشار الى التفصيلين المذكورين سابقا بقوله : لاجل توهم اختلاف المشتق باختلاف مبادئه في المعنى.
وقد مرّت الإشارة في الامر الرابع إلى ان اختلاف المبادئ فعلا وحرفة وصنعة وملكة لا يوجب التفاوت في وضع المشتق. وسيأتي مزيد بيان وتوضيح لهذا المطلب في اثناء الاستدلال على ما هو المختار في هذا المقام ، وهو اعتبار التلبس في الحال وفاقا لمتأخري الاصحاب قدسسرهم والأشاعرة ، وخلافا لمتقدميهم والمعتزلة قال المصنف قدسسره : لنا وجوه :
الاول : هو تبادر خصوص المتلبس بالمبدإ في الحال اي حال الجري.
والثاني : صحة سلب المشتق بمعناه المرتكز في الذهن عمن انقضى عنه
__________________
(١) سورة المائدة ، آية ٣٨.
(٢) سورة النور ، آية ٢٤.