كانت غيرها كحالها ، لان معانيها الحقيقية واحدة ولكن الدواعي متعددة ، لانها تستعمل في انشاء مفاهيمها ومداليلها ، مثلا : لفظ (ليت) و (لعل). و (الهمزة) و (هل) استعملت في انشاء التمني ، وفي انشاء الترجي ، وفي انشاء الاستفهام ، ولكن بدواع متعددة ، مثلا : قد يكون الداعي على انشائها نفس مفاهيمها ، كأن يكون المنشئ في الواقع متمنيا ومترجيا ومستفهما ، فلاجل التمني والترجي والجهل في النفس ينشئ المنشئ بها مفاهيمها.
وقد يكون الداعي شيئا آخر مثل التوبيخ للمخاطب نحو قوله تعالى : (أَأَنْتَ فَعَلْتَ هذا بِآلِهَتِنا). ومثل التعجب نحو : (أأنت اخي). وقد يكون النداء بلحاظ الاستغاثة تقول : (يا لزيد المظلوم). وقد يكون بداعي الندبة تقول : (وا علياه ، وا حسيناه) ففي كل هذه الموارد تستعمل الفاظ الانشاءات في معانيها الحقيقية ولكن بدواع مختلفة.
فظهر من هنا ان استعمال ادوات الاستفهام والتمني والترجي وغيرها لا يكون مجازا لانها استعملت في كلام الباري عزّ اسمه في انشاء مفاهيمها في القرآن الكريم بدواع متعددة ، وانما المحال في حق الباري جلّ وعلا نفس التمني والترجي والاستفهام التي تكون موجبة للعجز أو الجهل. الاول (اي العجز) : في التمني والترجي. والثاني (اي الجهل) : في الاستفهام.
فانشاء هذه المفاهيم اذا كان بدواع أخر غير التمني والترجي الواقعي لا يضرّ ولا يقدح في حقّ الباري عزّ اسمه ، فالمحال في حقّه تعالى هو التمني الواقعي والترجي الواقعي الموجبان لعجز المتمنّي والمترجّى عن الايصال بالمترجّى والمتمنّى ، والاستفهام الحقيقي المستلزم للجهل ، لا التمني الانشائي الايقاعي ، والترجي الانشائي الايقاعي والاستفهام الانشائي الايقاعي ، ولكن بدواع أخر.
فالتمني ينشأ بلفظ (ليت) بداعي اظهار المحبوبية في المتمنّى نحو (ألا ليت الشباب يعود) ، والترجي بابراز محبوبية المترجي نحو (لعل السلطان يكرمني) ، ومطلوبية الحذر مثل قوله تعالى : (لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ). لا من حيث التمني الواقعي