هل الصيغة ظاهرة في الوجوب أم لا؟
قوله : المبحث السادس قضية اطلاق الصيغة كون الوجوب نفسيا ... الخ اعلم ان مقتضى اطلاق صيغة الامر في مقام البيان كون الوجوب نفسيا لا غيريا ، تعيينيا لا تخييريا ، عينيا لا كفائيا ، لان كل واحد منها يحتاج الى مئونة زائدة. مثلا الوجوب الغيري مقيد بوجوب ذي المقدمة ، كوجوب الوضوء الذي يقيد بوجوب الصلاة ، كما ان ندبه مقيد بندبها ، والوجوب التخييري مقيد بما اذا لم يفعل بالعدل نحو خصال الكفارة ، والوجوب الكفائي مقيد بعدم اتيان المكلف الآخر الواجب كدفن الميت المسلم ، فان تمت مقدمات الحكمة فالاطلاق ، اي اطلاق هيئة صيغة الامر ، يقتضي كون الوجوب نفسيا عينيا تعيينيا فقط وهذا واضح لا غبار عليه.
قوله : المبحث السابع انه اختلف القائلون ... الخ لا يخفى انه بعد تسليم ظهور صيغة الامر في الوجوب إما وضعا وإما اطلاقا وانصرافا من باب اكملية الوجوب في الطلب لانه طلب شديد. والحال ان الشيء اذا ذكر مطلقا ينصرف الى الفرد الاكمل ، كلفظ النبي اذا ذكر مطلقا ينصرف الى النبي الخاتم صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فاذا وقعت عقيب الحظر المتحقق او المتوهم أفتكون ظاهرة في الوجوب أم لا؟
اختلف القائلون بظهورها فيه على اقوال :
قال المشهور : بظهورها حينئذ في الاباحة بالمعنى الاخص.
وقال بعض العامة : بظهورها في الوجوب ايضا.
وقال بعضهم الآخر بتبعيتها لما قبل الحظر ، فان كان الشيء مستحبا فمستحب ، وان كان واجبا فواجب ، وان كان مباحا فمباح. فالملاك يكون بما قبل الحظر بشرط ان يعلق الامر بزوال علة النهي السابق نحو نهي الله تعالى عن قتل المشركين في الأشهر الحرم : (فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ)(١) وقوله تعالى : (وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَ)(٢) وقوله تعالى :
__________________
(١) سورة التوبة : آية ٥.
(٢) سورة البقرة : آية ٢٢٢.