تحرّك المكلف الى المسارعة والى الاستباق لا البعث والتحريك الى فعل المسارعة والاستياق كما هو سياق الآيتين المباركتين كما لا يخفى.
قوله : فافهم وهو اشارة الى ان البعث والتحريك الى فعل الواجب بسبب ذكر الثواب كثير ، والحال ان ترك الواجب يستلزم الغضب والعقاب من دون التحريك على الغضب والعقاب على ترك الواجب ، فكذا ما نحن فيه ، هذا مضافا الى ان العباد من حيث الطبائع مختلفون جدا. فبالاضافة الى بعضها يناسب التحذير بذكر العقاب وفي الآخر ينبغي الرجاء بذكر الثواب. فوجه فافهم يردّ جواب الاول كما لا يخفى.
وثانيا : ان الامر بالمسارعة والاستباق ، ان كان للوجوب ـ كما هو مدعى الشيخ قدسسره ـ لزم كثرة التخصيص ، وهو مستهجن لخروج جميع المستحبات وكثير من الواجبات عن الآيتين ، لاجل عدم وجوب المسارعة فيها بالاجماع ، فيبقى الواجب الفوري تحتهم. أفلا بد من حمل الامر فيهما على مطلق الرجحان الذي يشمل الوجوب والاستحباب فالمسارعة واجب في الواجب الفوري ومندوب في المندوبات كلا. ومستحب وراجح في الواجب غير الفوري ، وهذا مما لا كلام فيه.
وثالثا : انه لا يبعد دعوى استقلال العقل بحسن المسارعة الى امتثال أمر المولى وبحسن الاستباق الى الخيرات. فآية المسارعة وآية الاستباق ارشاديتان نظير الاوامر الباعثة على اصل الاطاعة نحو (أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ) فلا يلزم حينئذ تخصيص الاكثر لان الآيات تدل على رجحان المسارعة والاستباق ، ولكن لا في نفسهما بل في الاوامر الواقعية.
اما نفس المسارعة والاستباق فراجحان عقلا نظير الطاعة والانقياد فلا يترتب العصيان على تركهما كما لا يترتب الثواب على فعلهما غير مصلحة نفسهما. مثلا : اذا سارع المكلف باتيان الصلاة في اول وقتها فلا يستحق ثوابين ، احدهما على نفس الصلاة والآخر على نفس المسارعة والاستباق ، بل يستحق ثوابا واحدا ، اي ثواب الصلاة اول وقتها.
نعم تكون المسارعة والاستباق حسنين عقلا وذوي مصلحة كالاطاعة