الإتيان بالمأمور به مطلقا ـ سواء كان واقعيا أم كان اضطراريا أم كان ظاهريا ـ أيجزي عن امر نفسه أم لا؟ وهذا النزاع كبروي ، بمعنى ان كل الإتيان بالمأمور به الواقعي أيجزى أم لا؟ بالاجماع هو مجز. وبمعنى ان كل الإتيان بالمأمور به الاضطراري أيجزي أم لا؟ هو مجز بالاتفاق. وبمعنى ان كل الإتيان بالمأمور به الظاهري أيجزي عن أمر نفسه أم لا؟ هو يجزي قطعا ، لان الإتيان علّة لسقوط الامر ، فاذا سقط الامر فقد حصل الغرض ، وحصول الغرض يكشف عن الإجزاء وهذا لا كلام فيه.
واما الإتيان بالمأمور به الاضطراري او الظاهري أفيجزي عن المأمور به الواقعي أم لا؟ وهذا النزاع صغروي لان الكلام ـ في الحقيقة ـ في دلالة دليلهما على نحو يفيد الإجزاء أم لا؟ بمعنى انهما أيدلّان على اشتمالهما على تمام مصلحة الواقع حتى يجزيان عن الواقع عقلا أم لا يدلان على اشتمالهما على مصلحته كي لا يجزيا عنه عقلا.
فيرجع الإشكال الى ان الاقتضاء ـ بمعنى العلّية والتأثير ـ يكون في الموضع الاول بمعنى العليّة ، ولكن في الموضع الثاني يكون الاقتضاء بمعنى الكشف والدلالة ، اذ النزاع فيه يكون في دلالة الامر الاضطراري أو الظاهري على نحو يفيد الإجزاء أم لا. فالنزاع يكون في موضعين :
الاول : إن الإتيان بالمأمور به الواقعي يجزي عن أمر نفسه ، والإتيان بالمأمور به الاضطراري أو الظاهري يجزي عن أمر نفسهما أم لا؟
والثاني : إن الإتيان بالمأمور به الاضطراري أو الظاهري يجزي عن المأمور به الواقعي أم لا؟ فيه خلاف بين الاعلام ، فقال بعض بالاجزاء ، وقال بعض بعدم الإجزاء. وتظهر الثمرة الفقهية في الاعادة والقضاء. فتحصل مما ذكرنا : ان الاقتضاء في عنوان البحث ، يكون اعم من العلّية والكشف.
قوله : قلت نعم لكنه لا ينافي كون النزاع فيها كان ... الخ فاجاب المصنف قدسسره عن هذا الإشكال بقوله نعم لا ينافي كون الاقتضاء في الامر الاضطراري والظاهري