فاجاب المصنف قدسسره عن هذا التوهم بان ترتب ذي المقدمة عليها ليس شرطا في وجوبها. اذ وجود المقدمات ليس بعلّة تامة غالبا لوجود ذي المقدمة ، بل يكون مقتضيا لوجود ذيها في اغلب الواجبات ، مثلا : الانسان يحصّل الزاد والراحلة ، ويبذل جهده للوصول الى مكة المكرمة ، فاذا وصلها فهو مختار في اعمال الحج ، فان شاء فعلها ، وان شاء تركها ، فلا معنى لترتب ذي المقدمة على وجوبها.
نعم قول صاحب (الفصول) قدسسره تامّ في المقدمات التي تكون علّة تامة لوجود ذي المقدمة ، ففي هذا المورد يصح ان يكون الغرض من وجوب المقدمة ترتب ذيها عليها.
في حين انه ، على القول بوجوب المقدمة حتى عند صاحب (الفصول) قدسسره ، لا فرق بين ان تكون المقدمة علة تامة كما في مقدمات الافعال التوليدية والتسبيبية ـ اي مقدورة للمكلف مع الواسطة ـ ولكن هو مقدور له بواسطة الالقاء ـ اي القاء الجسم في النار ـ ولا يتم في الافعال المباشرية كالصلاة والحج والسفر والنزهة مثلا ـ اي مقدورة للمكلف بلا واسطة ـ والغرض الذي لا يترتب على المقدمات لا يعقل ان يجعله المولى الحكيم غرضا لوجوب المقدمة للزوم اللغو ، وهو لا يصدر منه لانه قبيح. بخلاف تمكن المكلف من اتيان ذي المقدمة اذ هو ثابت في جميع المقدمات ، سواء كانت علة تامة لوجود ذي المقدمة كما في مقدمات الافعال التوليدية مثل جمع الحطب وتهيئة الخشب والقائهما في النار مقدمة للاحراق ، ام كانت شرطا ومقتضيا لوجود ذي المقدمة مثل تحصيل الزاد والراحلة وقطع المسافة مقدمة للحج.
فالغرض من وجوب المقدمة عقلا هو تمكن المكلف من اتيان ذي المقدمة بواسطة المقدمة ولا يكون الغرض من وجوبها ترتب ذيها عليها.
فالقول بوجوب المقدمة الموصلة إذا كانت علّة تامة لوجود ذي المقدمة على خلاف صاحب (الفصول) ، لانه لا يرى فرقا ـ في باب المقدمة ـ بين كونها علّة تامة وبين كونها شرطا ومقتضيا. واما في الواجب الذي يكون من الافعال التوليدية فيترتب ذو المقدمة على المقدمة لانها علة تامة لذي المقدمة فيها وهو معلولها ، في