خلاصة الكلام : ان كان قيد الايصال شرطا لوجوب المقدمة لزم أولا : ان يكون وجود ذي المقدمة مقدّما على وجود المقدمة ، اذ جعل شرطا على الفرض لوجوب المقدمة ولوجودها. والشرط لا بد ان يكون مقدّما من حيث الوجود على المشروط ، اذ تقدمه عليه طبعي ، كتقدم الجزء على الكل ، نحو تقدم الواحد على الاثنين. والحال ان وجود ذي المقدمة ليس في عرض وجود المقدمة فضلا عن التقدم وجودا بل متأخر ، والشيء المتأخر وجودا ليس شرطا للشيء المتقدم وجودا وتحققا.
وثانيا : من وجوب نفسي للصلاة ان يتولّد الامر بالوضوء لانه مقدمة الصلاة التي تجب نفسيا ، وان يتولّد من الامر بالوضوء الامر الغيري بالصلاة. فالامر النفسي بالصلاة مستلزم الأمر الغيري بالصلاة بواسطة الوضوء ، ولوجوبه ، اذ الصلاة تكون من المقدمات الوجودية للوضوء ، اي على فرض وجوب المقدمة الموصلة فقط.
وثالثا : اجتماع الوجوبين النفسي والغيري في الصلاة ، فالتالي باطل فالمقدم مثله. فالتوصل ليس بغاية وغرض لوجوب المقدمة فلو كان غاية لما كان قيد ذي الغاية.
وكأنّ صاحب (الفصول) قدسسره قد خلط بين الجهة التقييدية وبين الجهة التعليلية ، وقال ان التوصل غاية وجوب المقدمة ، فان لم تحصل هذه الغاية فلا تكون واجبة ، وزعم ان الغاية قيد وجوب المقدمة.
وقد عرفت ان الغاية هي التمكن لا التوصل. والتمكن لا يتخلف في جميع المقدمات. وهو مترتب على المقدمات. بخلاف التوصل اذ هو يتخلف في اكثر المقدمات ولا يترتب على الامر المقدمي كما علم سابقا.
قوله : فافهم وهو اشارة الى دقة المطلب المذكور. واما قوله : واغتنم اشارة الى انه لم يسبقني في التحقيق المذكور احد من الاصوليين والعلم عند العالم.