العنوانين يتصادقان في موضوع واحد كالصلاة في المكان الغصبي ، اما ما نحن فيه فليس كذلك ، لان النّهي يتعلق بعنوان الركوب بما هو ركوب ، والامر يتعلق ايضا بعنوان الركوب بما هو ركوب الذي يكون مصداق المقدمة ، نحو (صلّ) ، و (لا تصلّ في المكان الغصبي) ، من قبيل (اركب الدابة) ، و (لا تركب الدابة المغصوبة).
وعلى كلا القولين فالركوب حرام منهي عنه قطعا ، فليس للركوب عنوانان يتعلق الامر المقدمي بعنوان ويتعلق النّهي النفسي بعنوان آخر كي يكون من قبيل اجتماع الامر والنّهي في شيء واحد على القول بوجوب المقدمة ، بل يكون داخلا في مسألة النّهي في العبادات.
والحال ان تعلق النّهي فيها بما تعلق به الامر مسلّم لا يقبل الانكار فلا يتوهم في المقام ان للركوب عنوانين لانه يكون غصبا ومقدمة للواجب ، فلاجل عنوان المقدمية يكون واجبا ومأمورا به ، ولاجل عنوان الغصبية يكون منهيا عنه وحراما ، لانا قلنا في السابق ان عنوان المقدمة لا يكون قيد موضوع الحكم ، بل يكون جهة حدوث الحكم بالوجوب للمقدمة ، والمقدمية المقدمة جهة تعليلية لا جهة تقييدية. فنفس الركوب بما هو ركوب مأمور به لاجل مقدميته للواجب ، على القول بوجوب المقدمة لا الركوب بما هو مقدمة يكون مأمورا به. والفرق بين مسألة اجتماع الامر والنّهي وبين مسألة النّهي عن العبادات سيأتي عن قريب ان شاء الله تعالى عزّ اسمه.
فلا تكون مسألة المقدمة ـ على القول بوجوب المقدمة شرعا في المقدمة المحرمة كركوب الدابة المغصوبة للوصول الى الحج ـ من صغريات مسألة اجتماع الامر والنّهي ، بل تكون من صغريات مسألة النّهي عن العبادة والمعاملة بناء على الملازمة بين وجوب الشيء وبين وجوب مقدمته وملازمه.
قوله : في العبادة او المعاملة اشارة الى ان المقدمة على قسمين :
الاول : تعبدي يشترط فيها قصد القربة كالطهارات الثلاث.
الثاني : توصلي لا يشترط فيها قصد القربة كركوب الحيوان مقدمة موصلة الى الحج ، او يكون من باب المثال ، يعني كلمة المعاملة من باب المثال ، والحال انه