فاللابديّة العقلية حاكمة على الاصل والاستصحاب ، اي على اصالة عدم وجوبها وعلى استصحاب عدم وجوبها بل لا مورد للأصل والاستصحاب في المقام بعد فرض وجوب ذي المقدمة وبعد اللابدية العقلية بين وجوب ذيها وبين وجوب المقدمة.
هذا اذ لا ريب في لابدية فعل المقدمة في نظر العقل فرارا عن معصية الوجوب النفسي هذا اولا.
وثانيا : لا يترتب على استصحاب عدم وجوب المقدمة جواز ترك المقدمة عقلا والأمن من العقاب عليه ، كما ذكر وجهه وهو اللابدية العقلية من فعل المقدمة اذا وجب ذو المقدمة.
وثالثا : ان البحث عن وجوب المقدمة او عدم وجوبها لا يناسب في المقام لانه فقهي لا اصولي وهذا يناسب في علم الفقه الشريف.
ورابعا : ان وجوب المقدمة الذي هو لازم ماهية وجوب ذيها غير مجعول شرعا وليس اثرا مجعولا يترتب عليه ، اي لا يكون وجوب المقدمة موضوعا للحكم الشرعي.
والحال انه يشترط في جريان الاصل والاستصحاب ان يكون المستصحب إما حكما شرعيا مجعولا كاستصحاب وجوب صلاة الجمعة ، او موضوعا يترتب عليه حكم شرعي كاستصحاب الخمرية المترتبة عليها الحرمة.
اما وجوب المقدمة فليس حكما شرعيا مجعولا ، اذ هو لازم ماهية وجوب ذي المقدمة ، وكل لازم الماهية ليس بقابل للجعل لا بسيطا ولا تأليفيا كما ذكر.
وليس موضوعا للحكم الشرعي المجعول لانه لا يحمل عليه وجوب وواجب ، اذ يلزم الاتحاد بين المحمول عليه والمحمول في الحمل الشائع الصناعي مفهوما ومصداقا ولا غير الوجوب عليه لانه يلزم حينئذ حمل احد المتباينين على المباين الآخر من حيث المفهوم والمصداق.
فبالنتيجة : لا يجري الاستصحاب في هذا المقام لفقدان شرط جريانه وهو