استدلال ابي الحسن البصري :
وكيف كان فقد استدل ابو الحسن البصرى على وجوب المقدمة شرعا بانه لو لم تجب المقدمة لجاز تركها ، وحينئذ فان بقي الواجب على وجوبه لزم التكليف بما لا يطاق ، وإلّا خرج الواجب المطلق عن وجوبه.
وبعبارة اخرى : ان المولى اذا اوجب شيئا فلا بد له من ايجاب جميع مقدمات ذلك الشيء ، وان لم يوجب تلك المقدمات جاز تركها. وجواز الترك يستلزم احد محذورين :
اما ان يبقى وجوب ذي المقدمة بحاله ، وهو محال ، لانه تكليف بما لا يطاق.
واما ان لا يبقى وجوبه بحاله بل يصير مشروطا بحصول مقدمته ، فيلزم عندئذ انقلاب الواجب المطلق الى الواجب المشروط ، وهو خلاف الفرض.
البرهان على وجوب المقدمة :
قوله : وفيه بعد اصلاحه بارادة عدم المنع الشرعي من التالي في الشرطية الاولى لا الاباحة الشرعية ... الخ ولا ريب ان القضية الشرطية المتصلة دائما تثبت الملازمة وجودا وعدما بين المقدم والتالي على تقدير حصول الشرط في الخارج ، وعلى فرض عدم حصول فيه نحو قوله تعالى : (لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ) والخطاب متوجه الى النبي الاكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم فالملازمة واضحة بين المقدم الذي هو شرك على فرض حصوله منه وبين التالي الذي هو حبط العمل ، وجودا يعني لو فرض الشرك منك ليحبطنّ عملك ، وعدما يعني لم يكن منك شرك قطعا فلم يكن حبط عملك يقينا.
فالمستدلّ لمّا رتّب دليله من قضيتين شرطيتين أولاهما انه لو لم تجب المقدمة لجاز تركها. فالملازمة بين المقدم والتالي ثابتة اذا اريد من التالي ، يعني قوله : لجاز تركها انه لم يكن منع شرعي عن تركها ، اي يجوز ترك المقدمة شرعا على فرض عدم وجوبها شرعا ، لا ان يراد من التالي الاباحة الشرعية ، لان رفع الوجوب