الجزء الاخير من العلة التامة فكيف يقال انه ليست في المحرمات المباشرية مقدمة بحيث لا يبقى اختيار ترك الحرام محفوظا مع اتيانها ، فلا تتصف بعنوان الحرمة مقدمة من مقدماتها ابدا ، بل على هذا القانون العقلي يجب ان يتصف الجزء الاخير من علتها التامة بالحرمة الغيرية ، كما في الجزء الاخير منها في المحرمات التسبيبية ، طابق النعل بالنعل.
وبتقرير آخر وهو انه لو قيل كيف يوجد المحرم في الخارج بلا علة تامة؟ والحال ان الشيء متى لم يجب لوجود علّته لم يوجد في الخارج. ولذا قيل ان الشيء ما لم يجب لم يوجد. فاذن لا بد للحرام اذا وجد وتحقق في الخارج من العلة التامة التي تكون محرمة ، للتلازم بين العلة والمعلول في الحكم واللازم.
فمتى استفيد من قول المصنف قدسسره بانه لو لم تكن للحرام مقدمة لا يبقى معها اختيار المكلف على ترك الحرام ، لما اتصفت بوصف الحرمة مقدمة من مقدماته. وهذا اشتباه.
فانه يقال : نعم ان قولكم صحيح وهو ان كل فعل من الافعال اذا وجد في الخارج فلا بد ان تكون له علة تامة ، اذ الشيء ما لم يجب لم يوجد في الخارج. ولكن يمكن ان تكون العلة مركبة من الامر الاختياري والامر غير الاختياري ، نحو شرب الخمر ، فان علته التامة مركبة من الامر الاختياري كالذهاب الى بيت الخمر وشرائه ثم اخذ ظرفه في اليد ، ومن الامر غير الاختياري كارادة شربه التي هي غير قابلة للحرمة الشرعية ، اذ هي امر غير اختياري ، فاحد اجزاء علة شرب الخمر ـ بعد الذهاب الى بيت الخمر ، وبعد شرائه ، وبعد اخذ ظرفه في اليد ـ ارادة شربه ، وهي ليست قابلة للتكليف ، لانها فعل غير اختياري ، اذ الفعل الاختياري مسبوق بالارادة ، فلو كانت الارادة مسبوقة بارادة أخرى للزم التسلسل وهو محال ، كما قرر في علم الكلام. فالعلة التامة اذا كانت بأسرها اختيارية مثل القاء الحطب او الخشب في النار فهو علة لاحراقهما ، فاذا كان الإحراق حراما كان الالقاء حراما ايضا ، للتلازم بين العلة والمعلول في الحكم.