فحل آخر. وكلا العنوانين قد ثبتت حرمتهما في الكتاب المجيد والسنة. وهي : (يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب). واما تحريم المرضعة الكبيرة الثانية عليه ففيه خلاف ، واختار جماعة منهم العلامة قدسسره تحريمها عليه لصدق عنوان أمّ الزوجة عليها ، وهي محرمة في الشريعة المقدسة بالكتاب الكريم والسنة الشريفة.
وهذا متفرع على كون المشتق المبحوث عنه للاعم من المتلبس بالمبدإ في حال النسبة ، وممن انقضى عنه المبدأ. ولذا قال الشهيد الثاني رحمهالله في المسالك بابتناء الحكم في المرضعة الثانية في مسألة المشتق. فان قلنا بوضعه لخصوص المتلبس بالمبدإ في حال النسبة والحمل فلا تحرم عليه ، اذ عنوان زوجية الصغيرة قد زال بارتضاعها من الأولى لانها قد صارت بنته الرضاعية ان كان اللبن لبنا له ، أو ربيبته ان كان اللبن من فحل آخر ، وهما محرّمان ابدا مع فرض الدخول بالأم.
وان قلنا بوضعه للاعم فتحرم عليه لصدق عنوان أمومة الزوجة عليها حينئذ ، مع كون الزوجة من الجامد الصريح فلا يختص الخلاف بالمشتق المتعارف الصرفي كما توهمه الفصول رحمهالله ، بل كان النزاع في كل ما كان مفهومه منتزعا عن الذات بملاحظة اتصاف الذات بالصفات الخارجة عن الذاتيات كانت الصفات عرضا كالسواد والبياض ونحوهما ، أو عرضيا ك (الزوجية والرقية والحرّية) أو غيرها من الاعتبارات والاضافات ، كان داخلا في النزاع وان كان جامدا.
قوله : وهذا بخلاف ما كان مفهومه منتزعا عن مقام الذات والذاتيات اعلم انه قد تحصّل مما ذكرنا ان دخول شيء في محل النزاع هنا يبتني على ركنين :
الركن الاول : ان يكون الشيء جاريا على الذات المتلبّسة بالمبدإ ومتحدا معها خارجا بنحو من الاتحاد ، وبذلك الركن خرجت المصادر المزيدة لانها لا تجري على الذات المتصفة بها فانها مغايرة معها خارجا وعينا ، فلا يقال زيد اكرام اذا كان زيد متصفا بهذا المبدإ بل يقال : (زيد مكرم) ، وكذا المصادر المجردة لا يشملها النزاع لعدم صحة جريها وحملها على الذات فلا يقال (زيد عدل) الا من باب المبالغة في الاسناد ، وان قلنا بانها من المشتقات.