يقول الظّالمون علوّا كبيرا (١).
ثالثها : أن يكون ذلك مبنيّا على ما يعتقدونه من عدم اتّصافه سبحانه بالصّفات الجماليّة والجلالية لعدم معرفتهم به وصفاته وبأسمائه الحسنى وصفاته العليا فيزعمون أنّه ممّن يصحّ خداعه وإيصال المكروه إليه من وجه خفيّ لا يعلم به وكانوا إذا تكلّموا فيما بينهم يقولون أسرّوا قولكم لئلّا يسمع اله محمّد فانزل الله تعالى : (وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ) (٢) ولذا سيق الكلام على حسب معتقدهم تبكيتا بهم وتهكّما عليهم.
رابعها : انّهم يعملون عمل المخادع الحريص على دفع كيد عدوّه وإيصال الضّرر إليه والمخادعة معه في جلائل الأمور ودقائقها فانّ الزّنة أصلها للمغالبة والمبارات والفعل متى غولب فيه فاعله جاء أبلغ واحكم منه إذا زاوله وحده من غير مغالب ولا مبار لزيادة قوى الدّاعي إليه والحرص عليه.
خامسها : انّ فاعل بمعنى فعل كسافرت ، وناولته الشّيء ، و (إِنَّ اللهَ يُدافِعُ) (٣) وعافاه الله ، وعاقبت اللّصّ ، ويؤيّده قراءة من قرأ يخدعون الله ، وهو أبو حيوة على ما حكاه عنه في «الكشاف» (٤) وان ادّعى في شرح طيبة النّشر وبعض شروح الشّاطبيّة الإجماع على (يُخادِعُونَ اللهَ) ، وكانّهم أرادوا اجماع السّبع أو العشر ، وعلى الوجهين فهما بمعنى ، وبناء الفعل على المفاعلة وإن دلّ على المبالغة لكنّها لا تبلغ المبالغة في الوجه المتقدّم.
سادسها : أن يكون من قولهم : أعجبني زيد وكرمه ، فيكون المعنى : يخادعون
__________________
(١) العيون ص ٧١ ـ ٧٢ وعنه البحار ج ٦ ص ٥١.
(٢) الملك : ١٣.
(٣) الحج : ٣٨.
(٤) الكشاف ج ١ ص ١٧٣ ط بيروت دار الفكر.