ومنها : أنّ فيها إلزاما لليهود ، وحجّة عليهم ، حيث علموا بأخبار أنبيائهم أنّ الكتاب المنزل على خاتم النبيّين صلىاللهعليهوآلهوسلم مفتتحة سورها بالحروف المقطّعة.
والى هذين الوجهين أشار مولانا العسكري عليهالسلام في تفسيره حيث قال : كذّبت قريش واليهود بالقرآن وقالوا : سحر مبين (تَقَوَّلَهُ) ، فقال الله عزوجل (الم)(ذلِكَ الْكِتابُ) أي يا محمّد هذا الكتاب الّذي أنزلته عليك هو بالحروف المقطّعة الّتي أل م ، وهو بلغتكم وحروف هجائكم فأتوا إن كنتم صادقين ، واستعينوا على ذلك بسائر شهدائكم ، ثم بيّن أنّهم لا يقدرون عليه بقوله : (قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ ...) الآية.
قال الله عزوجل : (الم) هو القرآن الّذي افتتح بالم هو (ذلِكَ الْكِتابُ) الّذي أخبر به موسى ، ومن بعده من الأنبياء ، وأخبروا بني إسرائيل أنّي سأنزل عليك يا محمد كتابا عربيّا عزيزا (لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ) ... (لا رَيْبَ فِيهِ) لا شكّ فيه لظهوره عندهم كما أخبرهم أنبياؤهم أنّ محمدا ينزل عليه كتاب لا يمحوه الماء (١) يقرأه هو وأمّته على سائر أحوالهم (هُدىً) بيان من الضلالة (لِلْمُتَّقِينَ) الذين يتّقون الموبقات ، ويتّقون تسليط السفه على أنفسهم ، حتى إذا علموا ما يجب عليهم علمه عملوا بما يوجب لهم رضا ربّهم.
ثمّ قال : وقال الصادق عليهالسلام : ثمّ الألف حرف من حروف قولك : الله ، دلّ بالألف على قولك : الله ، ودلّ باللام على قولك : الملك العظيم القاهر للخلق أجمعين ، ودلّ بالميم على أنّه المجيد المحمود في كلّ أفعاله ، وجعل هذا القول حجّة على اليهود ، وذلك أنّ الله تعالى لما بعث موسى بن عمران ، ثم من بعده من الأنبياء إلى بني إسرائيل ، لم يكن فيهم قوم إلّا أخذوا عليهم العهود والمواثيق ليؤمننّ بمحمّد العربي
__________________
(١) في نور الثقلين : لا يمحوه الباطل.