ولما روي عن الباقر عليهالسلام قال : « إنّي ابتعت أرضاً فلمّا استوجبتها قمت فمشيت خُطاً ثمّ رجعت فأردت أن يجب البيع » (١).
وأمّا الثالث : فإنّه يقطع خيار المجلس إجماعاً.
وصورته : أن يقولا : تخايرنا أو اخترنا إمضاء العقد ، أو أمضيناه ، أو اخترناه ، أو التزمنا به ، وما أشبه ذلك ، فإنّه يدلّ على الرضا بلزوم البيع.
إذا ثبت هذا ، فإن قالاه في نفس العقد بأن عقدا على أن لا يكون بينهما خيار المجلس ، فهو القسم الأوّل ، وقد ذكرنا مذهبنا فيه ، وأنّه يقتضي سقوط خيار المجلس ؛ عملاً بالشرط.
واختلفت الشافعيّة في ذلك على طريقين :
أحدهما : أنّ هذا الشرط لا يصحّ قولاً واحداً ؛ لأنّه خيار يثبت بعد تمام العقد ، فلا يسقط بإسقاطه قبل تمام العقد ، كخيار الشفعة.
والثاني : أنّه يصحّ ويسقط الخيار ؛ لقوله عليهالسلام : « البيّعان بالخيار ما لم يتفرّقا إلاّ بيع الخيار » (٢) والاستثناء من الإثبات نفيٌ ، فيكون بيع الخيار لا خيار فيه ، ويريد ببيع الخيار ما أُسقط فيه الخيار. ولأنّ الخيار حقٌّ للمتعاقدين وفيه غرر أيضاً ، فإذا اتّفقا على إسقاطه ، جاز ، كالأجل ، وكما لو أسقطاه بعد العقد.
وعلى القول ببطلان الشرط ففي بطلان البيع وجهان : البطلان ؛ لأنّه شرط نافى مقتضاه فأفسده ، كما لو شرط أن لا يبيعه أو لا يتصرّف فيه. والصحّة ؛ لأنّه شرط لا يؤدّي إلى جهالة العوض ولا المعوّض (٣).
__________________
(١) التهذيب ٧ : ٢٠ ، ٨٤ ، الاستبصار ٣ : ٧٢ ، ٢٣٩.
(٢) صحيح مسلم ٣ : ١١٦٣ ، ١٥٣١ ، صحيح البخاري ٣ : ٨٤ ، سنن النسائي ٧ : ٢٤٨ ، سنن البيهقي ٥ : ٢٦٨ ، الموطّأ ٢ : ٦٧١ ، ٧٩ بتفاوت يسير في غير الأوّل.
(٣) المهذّب للشيرازي ١ : ٢٦٥ ، المجموع ٩ : ١٧٨ ١٧٩ ، حلية العلماء ٤ : ١٨ ـ ١٩ ، التهذيب للبغوي ٣ : ٢٩١ ، روضة الطالبين ٣ : ١٠٣ ١٠٤.