وصفه. وإن لم يكن مشاهداً ، فلا بدّ من وصفه بما يرفع الجهالة وبه قال مالك وأحمد والشافعي في أحد القولين ، وأبو إسحاق المروزي (١) لأنّ عقد السَّلَم منتظر مترقّب لا يمكن إتمامه في الحال ، وإنّما هو موقوف على وجود المُسْلَم فيه عند المحلّ لا يؤمن انفساخه ، فوجب معرفة رأس المال فيه ليؤدّيه له ، كما في القرض وعقد الشركة.
والقول الثاني للشافعي : لا يجب تعيينه وضبطه بالوصف ، وهو اختيار المزني (٢).
وقال أبو حنيفة : إن كان رأس المال مكيلاً أو موزوناً ، وجب ضبط صفاته. وإن كان مذروعاً أو معدوداً ، لم يجب ضبط صفاته (٣) ؛ لأنّ المكيل والموزون يتعلّق العقد بقدره بدليل أنّه لو باع صبرة على أنّها عشرة أقفزة فبانت أحد عشر ، كان له أن يأخذ عشرة ويردّ الباقي ، ولو اشترى ثوباً على أنّه عشرة أذرع فبان أحد عشر ذراعاً ، تخيّر البائع إن شاء سلّم الكلّ ، وإن شاء فسخ ؛ لأنّ العقد تعلّق بعينه.
واحتجّ الشافعي على عدم الحاجة إلى الوصف : بأنّه عوض مشاهد ، فاستغني بمشاهدته عن معرفة قدره ، كبيوع الأعيان (٤) ، وكما لو كان مذروعاً أو معدوداً ، ولا يلزم أعيان الربا ؛ لأنّه لا يحتاج إلى معرفة القدر ،
__________________
(١) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٩٣ ٣٩٤ ، المهذّب للشيرازي ١ : ٣٠٧ ، الحاوي الكبير ٥ : ٣٩٧ ، روضة الطالبين ٣ : ٢٤٥ ، المغني ٤ : ٣٦٥ ، الشرح الكبير ٤ : ٣٦٦.
(٢) المهذّب للشيرازي ١ : ٣٠٧ ، الحاوي الكبير ٥ : ٣٩٧ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٩٤ ، روضة الطالبين ٣ : ٢٤٥.
(٣) بدائع الصنائع ٥ : ٢٠١ ، الحاوي الكبير ٥ : ٣٩٧ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٩٤.
(٤) انظر : المهذّب للشيرازي ١ : ٣٠٧ ، والمغني ٤ : ٣٦٥ ، والشرح الكبير ٤ : ٣٦٦.