وقال الشافعي : لا يصحّ القبض ؛ لأنّه لم يكله عليه (١).
فإن كان الطعام بحاله ، كِيل عليه ، فإن كان وفق حقّه ، فقد استوفاه. وإن كان أقلّ من حقّه ، كان له الباقي. وإن كان أكثر من حقّه ، ردّ الفضل.
وإن استهلكه قبل أن يكال عليه فادّعى أنّه دون حقّه ، كان القول قوله مع يمينه ، سواء كان النقصان قليلاً أو كثيراً ؛ لأنّ الأصل عدم القبض وبقاء الحقّ ، فلا يبرأ منه إلاّ بإقراره بالقبض ، وبه قال الشافعي (٢).
واختلفت الشافعيّة في جواز التصرّف في هذا الطعام المقبوض جزافاً :
فقال بعضهم : إنّه يجوز أن يتصرّف فيما يتحقّق أنّه مستحقّ له من الطعام ويتحقّق وجوده فيه ، مثل أن يكون حقّه قفيزاً فيبيع نصف قفيز ، فلا يجوز أن يبيع جميعه ؛ لاحتمال أن يكون أكثر من حقّه.
وقال بعضهم : لا يجوز أن يبيع شيئاً منه ؛ لأنّ العلقة ثَمَّ باقية بينه وبين الذي قبضه منه ، فلم يجز التصرّف فيه (٣).
والأوّل أولى ؛ لأنّ الضمان قد انتقل إليه بقبضه ، فجاز التصرّف فيما هو حقّه منه.
ولو كان له عنده قفيز فأحضره اكتياله عن رجل له عليه مثله ثمّ دفعه إليه بكيله ولم يكله عليه فأتلفه ثمّ ادّعى نقصانه ، فإن كان ممّا يقع مثله في الكيل ، كان القول قوله مع يمينه فيه. وإن كان ممّا لا يقع مثله في الكيل ،
__________________
(١) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٠٧ ، روضة الطالبين ٣ : ١٧٨.
(٢) المهذّب للشيرازي ١ : ٣٠٨ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٠٨ ، روضة الطالبين ٣ : ١٧٨.
(٣) المهذّب للشيرازي ١ : ٣٠٨ ، حلية العلماء ٤ : ٣٨١ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٠٧ ، روضة الطالبين ٣ : ١٧٧.