الكثيرة ، بل هي أولى ؛ لأنّ الخيار جُعل إرفاقاً بالمتعاقدين ، فإذا زادت المدّة ، كان الإرفاق المطلوب حصوله في نظر الشرع أزيد. ولأنّها مدّة ملحقة بالعقد ، فكانت إلى تقدير المتعاقدين.
وقال الشافعي : لا يجوز اشتراط مدّة في العقد تزيد على ثلاثة أيّام ـ وبه قال أبو حنيفة لقول عمر : ما أجد (١) لكم أوسع ممّا جعل رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم لحبّان (٢) بن منقذ جعل له عهدة ثلاثة أيّام إن رضي أخذ ، وإن سخط ترك (٣).
وعن ابن عمر أنّ حبّان بن منقذ أصابته آمّة (٤) في رأسه ، فكان يُخدع في البيع ، فقال صلىاللهعليهوآلهوسلم : « إذا بايعت فقُلْ : لا خلابة » وجَعَل له الخيار ثلاثة أيّام (٥).
وقوله : « لا خلابة » عبارة في الشرع عن اشتراط الخيار ثلاثاً إذا أطلقاها عالمين بمعناها كان كالتصريح بالاشتراط.
ولأنّ الخيار غرر ينافي مقتضى البيع (٦) ، وإنّما جوّز لموضع الحاجة ، فجاز القليل منه الذي تدعو الحاجة إليه في الغالب ، وآخر حدّ القلّة الثلاثة ؛ لقوله تعالى ( فَيَأْخُذَكُمْ عَذابٌ قَرِيبٌ ) (٧) ثمّ قال ( تَمَتَّعُوا فِي دارِكُمْ
__________________
(١) في « ق ، ك » والطبعة الحجريّة : « ما أُحلّ ». والظاهر أنّها تصحيف ما أثبتناه من المصدر.
(٢) في « ق ، ك » والطبعة الحجريّة : « لحنان ». وكذا في الموارد الآتية ، وما أثبتناه من المصدر ، وكما في تهذيب الأسماء واللغات للنووي ١ : ١٥٢ ، ١١١.
(٣) سنن الدارقطني ٣ : ٥٤ ، ٢١٦ ، سنن البيهقي ٥ : ٢٧٤.
(٤) الآمّة : هي الشجّة التي بلغت أُمّ الرأس ، وهي الجلدة التي تجمع الدماغ. لسان العرب ١٢ : ٣٣ « أمم ».
(٥) سنن ابن ماجة ٢ : ٧٨٩ ، ٢٣٥٥ ، سنن الدارقطني ٣ : ٥٥ ٥٦ ، ٢٢٠.
(٦) في الطبعة الحجريّة : « العقد » بدل « البيع ».
(٧) هود : ٦٤.