وقال ابن كثير : وهذه أسانيد صحيحة عن الحسن رضي الله عنه أنه فسر الآية بذلك ، وهو من أحسن التفاسير ، وأولى ما حملت عليه الآية ، ولو كان هذا الحديث عنده محفوظا عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم لما عدل عنه هو ، ولا غيره ، ولا سيما مع تقواه لله ، وورعه.
فهذا يدلّك على أنه موقوف على الصحابي ، ويحتمل أنه تلقاه من بعض أهل الكتاب : من آمن منهم مثل كعب ، أو وهب بن منبه وغيرهما ، كما سيأتي بيانه ، إلا أننا برئنا من عهدة المرفوع ، والله أعلم (١).
فأما الآثار فقال محمد بن إسحاق بن سيار ، عن داود بن الحصين ، عن عكرمة ، عن ابن عباس قال : «كانت حواء تلد لآدم عليهالسلام أولادا فيعبّدهم لله ، ويسميهم عبد الله ، وعبيد الله ونحو ذلك ، فيصيبهم الموت ، فأتاهما إبليس ، فقال : إنكما لو سميتماه بغير الذي تسميانه به لعاش ، قال : فولدت له رجلا ، فسماه عبد الحارث ، ففيه أنزل الله يقول : (هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ) إلى آخر الآية ، وقال العوفي عن ابن عباس ، قوله في آدم : (هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ) ، إلى قوله : (فَمَرَّتْ بِهِ) : شكّت أحملت أم لا؟ (فَلَمَّا أَثْقَلَتْ دَعَوَا اللهَ رَبَّهُما) ، الآية ، فأتاهما الشيطان ، فقال : هل تدريان ما يولد لكما؟ أم هل تدريان ما يكون أبهيمة ، أم لا؟ ، وزيّن لهما الباطل ، إنه غوى مبين ، وقد كانت قبل ذلك ولدت ولدين ، فماتا ، فقال لهما الشيطان : إنكما إن لم تسمياه بي ، لم يخرج سويا ، ومات كما مات الأول ، فسميا ولدهما عبد الحارث ، فذلك قوله : (فَلَمَّا آتاهُما صالِحاً جَعَلا لَهُ شُرَكاءَ فِيما آتاهُما) الآية.
وقال عبد الله بن المبارك ، عن شريك ، عن خصيف ، عن سعيد بن جبير ، عن
__________________
(١) تفسير ابن كثير ، ج ٢ ، ص ٢٧٥ وتفسير البغوي ، ج ٢ ، ص ٢٢١ و ٢٢٢.