قال (١).
وشهد شاهد من أهلها
وروى ابن إسحاق ، عن محمد بن كعب القرظي ، أنه ذكر ذلك لعمر بن عبد العزيز وهو خليفة ، فقال له عمر : إنّ هذا لشيء ما كنت أنظر فيه ، وإني لأراه كما قلت. ثم أرسل إلى رجل كان يهوديا ، فأسلم وحسن إسلامه ، وكان من علمائهم ، فسأله : أيّ ابني إبراهيم أمر بذبحه؟ ، فقال : إسماعيل ـ والله ـ يا أمير المؤمنين ، وإن يهود لتعلم بذلك ، ولكنهم يحسدونكم. وهذا هو الحق الذي يجب أن يصار إليه. قال ابن كثير في تفسيره : «والذي استدل به محمد بن كعب القرظي على أنه إسماعيل أثبت ، وأصح ، وأقوى ، والله أعلم» (٢).
قال أبو شهبة : وبعد هذا التحقيق والبحث ، يتبيّن لنا أن الصحيح أن الذبيح إسماعيل عليهالسلام ، وأن ما روي من أنه إسحاق ، المرفوع منه إمّا موضوع ، وإمّا ضعيف لا يصحّ الاحتجاج به ، والموقوف منه على الصحابة أو على التابعين إن صح سنده إليهم هو من الإسرائيليات التي رواها أهل الكتاب الذين أسلموا ، وأنها في أصلها من دسّ اليهود ، وكذبهم ، وتحريفهم للنصوص حسدا منهم. فقاتلهم الله أنّى يؤفكون.
وقد جاز هذا الدسّ اليهودي على بعض كبار العلماء كابن جرير (٣) ، والقاضي عياض ، والسهيلي ، فذهبوا إلى أنه إسحاق ، وتحيّر بعضهم في
__________________
(١) زاد المعاد ، ج ١ ، ص ١٣ ـ ١٤.
(٢) تفسير ابن كثير ، ج ٤ ، ص ١٨.
(٣) جامع البيان ، ج ٢٣ ، ص ٥٤ ـ ٥٥.