التفسير في عهد التدوين
كان التفسير في عهد نشوئه إنّما يتلقّى شفاها ويحفظ في الصدور ، ثم يتناقل نقل الحديث يدا بيد. هكذا كان التفسير على عهد الرسالة ، وعلى عهد الصحابة والتابعين الأوّل. أما في عهد تابعي التابعين ، فجعل يضبط ويثبت في الدفاتر والألواح ؛ وبذلك بدأ عهد تدوين التفسير إلى جنب كتابة الحديث ، وذلك في أواسط القرن الثاني ؛ حيث راج تدوين الأحاديث المأثورة عن السلف.
ولعل أوّل من سجل التفسير في الدفاتر والألواح هو مجاهد بن جبر ، توفّي سنة (١٠١). يقول ابن أبي مليكة : «رأيت مجاهدا يسأل ابن عباس عن تفسير القرآن ، ومعه ألواحه. فيقول له ابن عباس : اكتب. قال : حتى سأله عن التفسير كلّه» (١). وكان أعلم الناس بالتفسير. قال الفضل بن ميمون : «سمعت مجاهدا يقول : عرضت القرآن على ابن عباس ثلاثين مرة» (٢).
وله تفسير متقطّع ومرتّب على السور ، من سورة البقرة إلى نهاية القرآن.
__________________
(١) راجع : تفسير الطبري ، ج ١ ، ص ٣١.
(٢) تهذيب التهذيب لابن حجر ، ج ١٠ ، ص ٤٣.