تفسير القاسمي (محاسن التأويل)
لجمال الدين أبي الفرج محمد بن محمد المعروف بالقاسمي. توفي سنة (١٣٣٢ ه). ولد في دمشق ، وكان معروفا في الفقه والتفسير والحديث ، وكان من زعماء النهضة السياسية ضد الاستعمار في بلاد الشام. كان قد تتلمذ على يد الأستاذ الشيخ محمد عبده ، فأخذ عنه العلم والسياسة وعلم الاجتماع ، وأفرغه في تفسيره هذا الممتع. التزم فيه المؤلف بمتابعة آراء السلف والاهتمام بنظراتهم في الفقه والتفسير ، مراعيا ما توصّل إليه العلم ، في شيء من الحذر. ومن ثم فهو من خير التفاسير المعاصرة ، الجامعة بين آراء السلف ونظرات الخلف ، مراعيا جوانب الاحتياط ؛ وبذلك قد جمع بين المأثور والمعقول ، في سبك رائع وجزالة في الألفاظ ودقة في الآراء. وقد تكلم بلغة أهل عصره في براعة فائقة ، ومن ثم طار صيته وأصبح من التفاسير المشار إليها بالبنان.
ومن ميزات هذا التفسير ، اهتمامه البالغ بجانب الإشارات العلمية التي جاءت في القرآن ، إنه يعتقد اشتمال القرآن على أسرار من علوم الكون ، ومن ثم افتتح فصلا في مقدمة تفسيره اختصاصا بالكلام عن المسائل الفلكية الواردة في القرآن ، ويتعرّض للقضايا الكونية في الخلق والتدبير ، وفي النهاية يقول : «من عجيب أمر هذا القرآن أن يذكر أمثال هذه الدقائق العلمية العالية ، التي كانت جميع الأمم تجهلها ، بطريقة لا تقف عثرة في سبيل إيمان أحد به ، في أي زمن كان ، مهما كانت معلوماته ، فالناس قديما فهموا أمثال هذه الآيات بما يوافق علومهم ، حتى إذا كشف العلم الصحيح عن حقائق الأشياء ، علمنا أنهم كانوا واهمين ، وفهمنا معناها الصحيح. فكأن هذه الآيات جعلت في القرآن معجزات للمتأخرين ، تظهر لهم كلما تقدمت علومهم ... وهو معجزات للمتأخرين يشاهدونها ، وتتجلّى لهم كلما