«لمّا تأمّلت الأمّة الإسلامية ، وتعاليمها الدينية ، ألفيت أكثر العقلاء وبعض أجلّة العلماء ، عن تلك المعاني معرضين ، وعن التفرّج عليها ساهين لاهين ، فقليل منهم من فكّر في خلق العوالم وما أودع فيها من الغرائب. فأخذت أؤلّف كتبا لذلك شتّى ، كنظام العالم والأمم ، وجواهر العلوم ، والتاج المرصّع ، وجمال العالم ... ومزجت فيها الآيات القرآنية بالعجائب الكونية ، وجعلت آيات الوحي مطابقة لعجائب الصنع ...» (١).
لكنه وجد أنّ هذه الكتب رغم كثرتها وانتشارها وترجمتها إلى اللغات الأخرى كالأوردية والقازانية الروسية لم تشف غليله ، فتوجّه إلى الله أن يوفّقه إلى تفسير القرآن تفسيرا ينطوي على كل ما وصل إليه البشر من علوم ، فوفّقه الله لتحرير هذا التفسير الجليل.
ومفسرنا هذا يقرّر في تفسره أنّ في القرآن من آيات العلوم ما يربو على سبعمائة وخمسين (٧٥٠) آية ، في حين أن علم الفقه لا تزيد آياته الصريحة على مائة وخمسين (١٥٠) آية (٢).
ونجده كثيرا ما يهيب بالمسلمين أن يتأمّلوا في آيات القرآن التي ترشد إلى علوم الكون ، ويحثّهم على العمل بما فيها ، ويندّد بمن يغفل هذه الآيات على كثرتها ، وينعى على من أغفلها من السابقين الأوّلين.
منهج المؤلف في التفسير
إنه يذكر الآيات فيفسّرها أوّلا لفظيّا مختصرا ، لا يكاد يخرج بذلك عمّا في كتب التفسير المألوفة ، لكنّه سرعان ما يخلص من هذا التفسير الذي يسمّيه تفسيرا
__________________
(١) الجواهر في تفسير القرآن ، ج ١ ، ص ٢.
(٢) المصدر نفسه ، ص ٣.