واليهود ـ عليهم غضب الله ـ لما جاءهم رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وكانوا يعلمون أنّه النبيّ الذي بشّرت به التوراة ، حتى كانوا يستفتحون به على المشركين قبل ميلاده وبعثته ، فلمّا جاءهم ما عرفوا ، كفروا به ، ونبذوا كتابهم التوراة ، وكتاب الله القرآن وراء ظهورهم ، وبدل أن يتّبعوا الحقّ المبين ، اتّبعوا السحر الذي توارثوه عن آبائهم والذي علّمتهم إياه الشياطين. وكان الواجب عليهم أن ينبذوا السحر ، ويحذّروا الناس من شرّه ؛ وذلك كما فعل الملكان : هاروت وماروت من تحذير الناس من شروره ، والعمل به. وهذا هو التفسير الصحيح للآية ، لا ما زعمه المبطلون الخرفون ؛ وبذلك يحصل التناسق بين الآيات ، وتكون الآية متآخية متعانقة. ولا أدري ما الصلة بين ما رووه من إسرائيليات ، وبين قوله : (وَما يُعَلِّمانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولا إِنَّما نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ ...)(١).
والعجب أن مثل ابن جرير حوّم حول ما ذكرناه في تفسير الآية ، ثم لم يلبث أن ذكر ما ذكر (٢).
والخلاصة : على القارئ أن يحذر من هذه الإسرائيليات ، سواء وجدها في كتاب تفسير ، أو حديث أو تاريخ أو مواعظ ، أو أدب أو ....
٢ ـ إسرائيليّة في المسوخ من المخلوقات
ويوغل بعض زنادقة أهل الكتاب ، فيضعون على النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم خرافات في خلق بعض أنواع الحيوانات التي زعموا أنها مسخت. ولو أن هذه الخرافات
__________________
(١) البقرة / ١٠٢.
(٢) تفسير ابن جرير ، ج ١ ، ص ٣٥٩ و ٣٦٠.