زوال الثقة به.
وثالثا : وفرة الإسرائيليّات في التفسير والتاريخ بما شوّه وجه التفسير.
ولنتكلّم عن هذه الأمور الثلاثة في شيء من التوضيح :
١ ـ ضعف الأسانيد
مما أوجب الوهن في وجه التفسير النقلي ، ضعف الأسانيد بكثرة المجاهيل أو ضعاف الحال أو الإرسال أو حذف الإسناد رأسا ، وما إلى ذلك مما يوجب ضعف الطريق في الحديث المأثور.
هذا إذا كنّا نرافق علماء الأصول ـ أصول الفقه ـ في أساليبهم في توثيق الأسانيد أو تضعيفها ، وجرينا معهم على غرار ما نجري في فقه الأحكام ، وملاحظة شرائط استنباطها من دلائل الكتاب والسنّة. فإن كانت الشرائط هناك تجري هنا ـ في باب التفسير ـ أيضا ، كانت نفس الأساليب واجبة الاتّباع ، غير أنّ باب التفسير يختلف عن الفقه اختلافا في الجذور.
الفقه : استنباط أحكام وتكاليف ترجع إلى عمل المكلّفين ، إما فعلا أو تركا ، إلزاما أو رجحانا. فلا بد للفقيه من أن يستوثق في الاستنباط ، ويبني الفروع على أصول متينة. والاستيثاق والاطمئنان إنّما يحصلان بحصول الظن الغالب المعتبر شرعا وعقلائيا ؛ فيجب عليه اتباعه ، وإن لم يحصل له القطع واليقين ؛ لأنّ ظنّه هذا حجّة معتبرة.
أما التفسير ـ وكذا التاريخ ـ فليس الأمر كذلك ؛ حيث طريق الاستيثاق والحجّية تختلف أساليبه عن أساليب الفقه. إذا لا حجّية تعبّديّة هنا ، كما كانت حجّة تعبّدا هناك. فإنّ دليل التعبّد قاصر الشمول هنا ؛ إذ لا عمل يوجب التعبّد فيه.