وبصيرة ...» (١).
غير أننا نجد البيضاوي قد وقع فيما وقع فيه «الكشاف» وغيره من المفسرين ، من ذكرهم في نهاية كل سورة حديثا أو أحاديث في فضلها وفضل قارئها ، وقد عرفنا قيمة هذه الأحاديث ، وإنها موضوعة باتفاق أهل الحديث. ولسنا نعرف كيف اغتر بها أمثال البيضاوي فرواها ، وتابع الزمخشري وأمثاله في ذكرها ، مع ما لهم من مكانة علمية وحصانة عقل ودراية.
وقد اعتذر عنه صاحب كشف الظنون بقوله : «وأما أكثر الأحاديث التي أوردها في أواخر السور ، فإنه لكونه ممن صفت مرآة قلبه ، وتعرّض لنفحات ربه ، تسامح فيه ، وأعرض عن أسباب التجريح والتعديل ، ونحا نحو الترغيب والتأويل ، عالما بأنها مما فاه صاحبه بزور ودلّى بغرور ...» (٢). لكنه اعتذار غير عاذر.
ثم إنّ هذا الكتاب رزق بحسن القبول عند الجمهور ، فعكفوا عليه بالدرس والتحشية ، فمنهم من علّق تعليقة على سورة منه ، ومنهم من حشّى تحشية تامة ، ومنهم من كتب على بعض مواضع منه.
تفسير النسفي (مدارك التنزيل وحقائق التأويل)
تأليف أبي البركات ، عبد الله بن أحمد بن محمود النسفي ، نسبة إلى «نسف» من بلاد ماوراء النهر (٣). كان إمام زمانه ، رأسا في الفقه على المذهب الحنفي ، بارعا
__________________
(١) كشف الظنون لحاجي خليفة ، ج ١ ، ص ١٨٧.
(٢) المصدر ، ص ١٨٨.
(٣) نسف معرّب «نخشب» ببلاد السند ، بين جيحون وسمرقند.