نمط آخر من التفسير بالمأثور
هناك نمط آخر من التفسير بالمأثور ، يفسّر القرآن تفسيرا حسب المتعارف ، آية فآية وجملة فجملة ، وكلمة فكلمة ، حسبما يساعده اللغة والفهم العرفي ، لكنه يعتمد في حلّ معضلاته ورفع مبهماته على المأثور من الروايات فحسب ، لا غيرهنّ من أدوات التفسير ، بل وربما غلب الاعتماد على النقل على الاعتماد على العقل وإعمال النظر والرأي والاجتهاد ، فيظهر بمظهر التفسير النقلي أكثر من ظهوره بمظهر التفسير النظري الاجتهادي.
وهذا كتفسير المولى الفيض الكاشاني ، وتفسير الميرزا محمد المشهدي ، وتفسير شبّر ، مما كتب في عهد متقارب ، بعد سنة الألف من الهجرة.
وتفسير السمرقندي ، والثعلبي ، والثعالبي ، والبغوي ، وابن كثير ، والمحرّر الوجيز ، من تفاسير أهل السنة ، كتبت في القرون الوسطى من الهجرة.
إذ كل ذلك يعدّ من التفسير بالمأثور ، نظرا لكثرة الاعتماد على النقل في التفسير ، وقلّة النظر والاجتهاد. وإليك بعض الكلام عنها :
٨ ـ تفسير الصافي
للمولى محسن محمد بن المرتضى المعروف بالفيض الكاشاني ، المتوفّى (١٠٩١). هو المحدّث الفقيه والفيلسوف العارف ، ولد بكاشان ونشأ بها نشأة علمية راقية له تفسير كبير ومتوسط وموجز ، وسمّيت على الترتيب ب «الصافي والأصفى والمصفّى».
يعتبر تفسيره هذا مزجا من الرواية والدراية ، تفسيرا شاملا لجميع آي القرآن ، وقد اعتمد المؤلّف في نقل عباراته على تفسير البيضاوي ، ثم على نصوص الأحاديث المروية عن أئمة أهل البيت.