ولعلّ الحديث الوارد : «لا تصدّقوا أهل الكتاب ولا تكذّبوهم» (١) ناظر إلى هذا النوع من المسكوت عنه في شرعنا ، لا نعلم صدقه عن كذبه ؛ لأنّهم خلطوا الحقّ بالباطل. فلو صدّقناه فلعله الباطل ، أو كذّبناه فلعله الحقّ. قال صلىاللهعليهوآلهوسلم : «فيخبروكم بحقّ فتكذّبوا به ، أو بباطل فتصدّقوا به» (٢).
وهكذا قال عبد الله بن مسعود :
«لا تسألوا أهل الكتاب ، فإنّهم لن يهدوكم ـ أي لن يخلصوا لكم النصح ـ وقد أضلّوا أنفسهم ، فتكذّبوا بحقّ أو تصدّقوا بباطل» (٣).
وعليه فيجب الحذر فيما لم نجد صدقه ولا كذبه في المأثور من شرعنا الإسلاميّ ويلزم إجراء قواعد النقد والتمحيص ـ التثبّت ـ فيما وجدناه في كتب القوم من آثار وأخبار.
هذه قصّة يوسف صلىاللهعليهوآلهوسلم جاءت مواضع عبوها في القرآن وترك الباقي ، وقد تعرّض لتفاصيلها العهد القديم. وهكذا سائر قصص الأنبياء ، وفيها الغثّ والسمين.
نماذج من إسرائيليات مبثوثة في التفسير
سبق القول بأن في التفسير من الإسرائيليات طامّات وظلمات ، أصبحت مثارا للشكّ والطعن والتقوّل على الإسلام ومقدّساته. ويرجع أكثر اللّوم على الأوائل الذين زجّوا بتلكم الأساطير اليهوديّة وغيرها في التفسير والحديث
__________________
(١) جامع البخاري ، ج ٩ ، ص ١٣٦.
(٢) مسند أحمد ، ج ٣ ، ص ٣٨٧.
(٣) فتح الباري بشرح البخاري ، ج ١٣ ، ص ٢٥٩.