والتاريخ ، وهكذا تساهل أهل الحديث في جمع وثبت تلكم الإسرائيليّات في كتبهم ، أمثال أبي جعفر الطبري ، وجلال الدين السيوطي ، وأضرابهما من أرباب كتب التفسير بالمأثور.
وقد أخذ على تفسير ابن جرير ، أنّه يذكر الروايات من غير بيان وتمييز بين صحيحها وسقيمها ، ولعلّه كان يحسب أنّ ذكر السند ـ ولو لم ينصّ على درجة الرواية قوّة وضعفا ـ يخلي المؤلّف عن المؤاخذة والتبعات. وتفسيره هذا مشحون بالروايات الواهية والمنكرة والموضوعات والإسرائيليّات ، وذلك فيما يذكره في الملاحم والفتن وفي قصص الأنبياء ، وحتى في مثل قصص نبيّنا صلىاللهعليهوآلهوسلم كما في قصة زينب بنت جحش ، على ما يرويها القصّاص والمبطلون ، وأمثالها كثير.
كما أخذ على تفسير «الدرّ المنثور» ، أنّه وإن عزى الروايات إلى مخرجيها ، لكن لم يبيّن منزلتها من الصحة والضعف أو الوضع ، وليس كل قارئ يمكنه معرفة ذلك بمجرد ذكر السند أو المصدر المخرج منه ، ولا سيّما في عصورنا المتأخّرة. ولعلّه أيضا من المحدّثين الذين يرون أن إبراز السند أو المخرج يخلي من العهدة والتبعة. وفي الكتاب إسرائيليّات وبلايا كثيرة ، ولا سيّما في قصص الأنبياء ؛ وذلك مثل ما ذكره في قصّة هاروت وماروت ، وفي قصّة الذبيح وأنّه إسحاق ، وفي قصّة يوسف ، وفي قصّة داود ، وسليمان ، وفي قصّة إلياس. وأسرف في ذكر المرويّات في بلاء أيّوب. ومعظمها مما لا يصحّ ولا يثبت ، وإنّما هو من الإسرائيليات التي سردها بنو إسرائيل وأكاذيبهم على الأنبياء.
وهذان التفسيران هما الأساس لبثّ ونشر الإسرائيليّات ، فيما تأخر من كتب التفسير. وسنعرض منها نماذج :