التفسير الكبير (مفاتيح الغيب)
للإمام فخر الدين محمد بن عمر بن الحسين الرازي ، المعروف بابن الخطيب ، من أصل طبرستاني ، نزل والده الرّي واشتهر بها. في ظاهره أشعري شافعي المذهب ، صاحب تصانيف ممتعة في فنون المعارف الإسلامية ، مضطلعا بالأدب والكلام والفلسفة والعرفان. قال ابن خلّكان : إن كتبه ممتعة ، وقد انتشرت تصانيفه في البلاد ، ورزق فيها سعادة عظيمة ، فإن الناس اشتغلوا بها ورفضوا كتب المتقدمين ، توفي سنة (٦٠٦).
وتفسيره هذا من جلائل كتب التفسير ، وقد استوفى الكلام فيه ، بما وسعه من الاضطلاع بأنحاء المعارف وفنون العلوم ، ولم يدع براعته متجوّلة في مختلف مسائل الأصول والفلسفة والكلام ، وسائر المسائل الاجتهادية النظرية والعقلية ، وأسهب الكلام فيها ، بما ربما أخرجه عن حدّ الاعتدال. وكثيرا ما يترك وراءه لمّة من تشكيكات وإبهامات بما يعرقل سبيل الباحثين في التفسير ، ولكنّه مع ذلك فإنه فتّاح لكثير من مغالق المسائل في أبحاث إسلامية عريقة.
أما منهجه في التفسير ، فإنه يذكر الآية أوّلا ، ويعقّبها بموجز الكلام عنها بصورة إجمالية ، ويذكر أن فيها مسائل ، يبحث في كل مسألة عن طرف من شئون الآية : قراءة ، وأدبا ، وفقها ، وكلاما ، وما أشبه من المباحث المتعلقة بتفسير الآية ، ويستوفي الكلام في ذلك في نهاية المطاف. وهو من أحسن الأساليب التفسيرية ، تتجزّأ المسائل وتتركّز الأبحاث ، مفصلة كلّا في محلّها ، من غير أن يختلط البحث أو تتشابك المطالب ، ومن ثمّ لا يترك القارئ حائرا في أمره من البحث الّذي ورد فيه.
ومن طريف الأمر أنه لم يجعل لتفسيره مقدمة ليشرح فيها موضعه من