فيعتمدونه ؛ وعليه جاء قوله تعالى : (إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا)(١) ، فقد أقرّ العقلاء على قبولهم للنبإ ما لم يكن الآتي به متجاهرا بالفسق ، ممن لا يتورّع الكذب ، ولا يخاف الله في سرّه وعلانيته.
فمن عرف بالصدق والأمانة قبل نبؤه ، ومن عرف بالكذب والخيانة ترك ، ومن كان مجهولا تريّثنا ، فإن ظهرت منه دلائل الصدق قبلناه وإلّا رفضناه.
إذن فشرط قبول الخبر احتفافه بقرائن الصدق : من وجوده في أصل معتبر ، وكون الراوي معروفا بالصدق والأمانة ، وعلى الأقلّ غير معروف بالكذب والخيانة ، وسلامة المتن واستقامته ، مما يزيد علما أو يزيل شكّا. وأن لا يخالف معقولا أو منقولا ثابتا في الدين والشريعة ، الأمر الذي إذا توفّر في حديث أوجب الاطمئنان به وإمكان ركون النفس إليه ؛ وعليه فلا يضرّه حتى الإرسال في السند إن وجدت سائر شرائط القبول.
٢ ـ الوضع في التفسير
كان الوضع والتزوير من أهمّ أسباب الوهن في التفسير المأثور. فقد كانت الدواعي متوفرة للدّسّ والاختلاق في المأثور من التفسير ، إلى جنب الوضع في الحديث ، فهناك أسباب سياسيّة وأخرى مذهبيّة وكلاميّة ، وربما عاطفيّة ، كانت عن قصور النظر لا عن سوء نيّة. والعمدة أنّ القرآن كان المحور الأساسي الذي يدور عليه رحى الدين والسياسة والسلوك آنذاك ، فلا بدّ لكل منتحلي مسلك من المسالك أن يتشبّث بعرى القرآن ، ويجعل من آياته الكريمة وسيلة ناجعة ، لبلوغ
__________________
(١) الحجرات / ٦.