من (٣٠) سنة تلقّى فيها العلم على كثير من الشيوخ حتى بزغ نجمه وعلا ذكره. وفي سنة (٥٩٨ ه) نزح إلى المشرق وطوّف في كثير من البلاد ، فدخل الشام ومصر والموصل وآسيا الصغرى ومكّة ، وأخيرا ألقى عصاه واستقربه النوى في دمشق ، توفّي بها سنة (٦٣٨ ه).
كان ابن عربي شيخ المتصوّفة في وقته ، وكان له أتباع ومريدون معجبين به إلى حد كبير ، حتى لقّبوه بالشيخ الأكبر والعارف بالله ، كما كان له أعداء ينقمون عليه ويرفضون طريقته ويرمونه بالكفر والزندقة ، لما كان يصدر عنه من المقالات الموهمة ، التي تحمل في ظاهرها معاني الكفر والإلحاد.
وكان إلى جنب تصوّفه بارعا في كثير من العلوم ، فكان عارفا بالآثار والسنن ، وكان شاعرا أديبا ؛ ولذلك كان يكتب الإنشاء لبعض ملوك الغرب.
وتلك مؤلفاته الكثيرة تدلّ على سعة باعه ووفرة اطّلاعه وتبحّره في العلوم الظاهرة والباطنة ، وكانت له حدّة في النظر ودقّة في الاستنباط ، ولكن في الأكثر على مشربه الصوفي الباطني ، ومن ثم كانت له شطحات ملأ كتبه ومصنفاته.
هل لابن عربي من تفسير؟
كانت له في التفسير والحديث نظرات ، وله فيها مقالات ضمن كتبه ولا سيّما «الفتوحات المكيّة» و «الفصوص» وغيرهما من أمهات كتبه. ولكن هل كان قد ألّف كتابا في التفسير يخصّه؟
يبدو من مواضع من كتبه ولا سيّما «الفتوحات» ، أن له تأليفا في التفسير ، ففي الجزء الأول من الفتوحات (ص ٥٩) عند الكلام على حروف المعجم في أوائل سور القرآن ، يقول : «ذكرناه في كتاب الجمع والتفصيل في معرفة معاني التنزيل».
وفي (ص ٦٣) يقول : «وقد أشبعنا القول في هذا الفصل عند ما تكلمنا على