والحق أن سليمان عليهالسلام أراد ببنائه الصرح أن يريها عظمة ملكه ، وسلطانه ، وأن الله ـ سبحانه وتعالى ـ أعطاه من الملك ، ومن أسباب العمران والحضارة ما لم يعطها ، فضلا عن النبوة التي هي فوق الملك ، والتي دونها أية نعمة ، وحاشا لسليمان عليهالسلام وهو الذي سأل الله أن يعطيه حكما يوافق حكمه ـ أي الله ـ ، فأوتيه أن يتحايل هذا التحايل ، حتى ينظر إلى ما حرّم الله عليه ، وهما ساقاها ، وهو أجلّ من ذلك وأسمى.
ولو لا أنها رأت من سليمان ما كان عليه من الدين المتين ، والخلق الرفيع ، لما أذعنت إليه لمّا دعاها إلى الله الواحد الحق ، ولما ندمت على ما فرط منها من عبادة الكواكب والشمس ، وأسلمت مع سليمان لله رب العالمين.
٢٦ ـ الإسرائيليات في هديّة ملكة سبأ لسيدنا سليمان
ومن الإسرائيليات ما ذكره كثير من المفسرين ، كابن جرير ، والثعلبي ، والبغوي ، وصاحب «الدر» ، في الهديّة التي أرسلتها بلقيس إلى سيدنا سليمان عليهالسلام ، وإليك ما ذكره البغوي في تفسيره ، وذلك عند تفسير قوله تعالى : (وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِمْ بِهَدِيَّةٍ فَناظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ)(١).
قال البغوي :
فأهدت إليه وصفاء ووصائف. قال ابن عباس : ألبستهم لباسا واحدا كي لا يعرف الذكر من الأنثى. وقال مجاهد : ألبس الغلمان لباس الجواري ، وألبس
__________________
(١) النمل / ٣٥.