من المعاني الأسرار البديعة ، واحتضن من الألفاظ اللغة الوسيعة ، ولم يقنع بتدوينها دون تبيينها ، ولا بتنميقها دون تحقيقها ، وهو القدوة أستضيء بأنواره ، وأطأ مواقع آثاره.
قدّم على تفسيره مقدّمات سبع ، بحث فيها عن تعداد آي القرآن ، وأسامى القرّاء المشهورين ، وذكر التفسير والتأويل ، وأسامي القرآن ، وعلومه وفضله وتلاوته ، وأثبت فيها صيانة القرآن من التحريف والزيادة والنقصان ، وبيّن إجماع علماء الإمامية على ذلك ، واتفاق آرائهم فيه.
منهجه في التفسير
أما المنهج الذي سار عليه مفسرنا فهو منهج رتيب ، يبدأ بالقراءات ، فيذكر ما جاء عن اختلاف القراءة في الآية ، ويعقبها بذكر الحجج التي استندت إليها كل قراءة ، ثم اللغة ثم الإعراب ، وأخيرا المعنى. وقد يتعرّض لأسباب النزول ، والقصص الّتي لها بعض الصلة بالآيات. وبحق قد وضع تفسيره على أحسن ترتيب وأجمل تبويب. يقول هو عن تفسيره :
وابتدأت بتأليف كتاب هو في غاية التلخيص والتهذيب ، وحسن النظم والترتيب ، يجمع أنواع هذا العلم وفنونه ، ويحوي فصوصه وعيونه ، من علم قراءته وإعرابه ولغاته وغوامضه ومشكلاته ، ومعانيه وجهاته ، ونزوله وأخباره ، وقصصه وآثاره ، وحدوده وأحكامه ، وحلاله وحرامه. والكلام عن مطاعن المبطلين فيه ، وذكر ما ينفرد به أصحابنا رضى الله عنهم من الاستدلالات بمواضع كثيرة منه ، على صحّة ما يعتقدونه من الأصول والفروع ، والمعقول والمسموع ، على وجه الاعتدال والاختصار ، فوق الإيجاز ودون الإكثار. فإن الخواطر في هذا الزمان لا تحتمل أعباء العلوم الكثيرة ، وتضعف عن الإجراء في الحلبات الخطيرة ؛