تفسير القرطبي (الجامع لأحكام القرآن)
لأبي عبد الله محمد بن أحمد بن أبي بكر الأنصاري الخزرجي الأندلسي القرطبي ، توفي سنة (٦٧١). كان من العلماء العارفين ، صاحب تصانيف ممتعة ، منها هذا التفسير الذي يعدّ من أمثل التفاسير وأجودها تصنيفا وتأليفا وجمعا للآراء والأقوال ، مع العناية التامة باللغة والأدب والفقه والكلام ، ومن ثم عدّه بعضهم من التفاسير الفقهية كما فعله الذهبي ولعلّه لمناسبة عنوان الكتاب.
وقد وصف المؤلف تفسيره هذا بما يلي : رأيت أن أكتب فيه تعليقا وجيزا يتضمّن نكتا من التفسير ، واللغات والإعراب ، والقراءات ، والردّ على أهل الزيغ والضلالات ، جامعا بين المعاني ، ومبينا ما أشكل منها بأقاويل السلف ، ومن تبعهم من الخلف.
وانتهج في تفسيره منهج سائر التفاسير الجامعة ، فيذكر الآية أوّلا ، ويعقبها بذكر مسائل ، يأتي فيها على شرح مواضع الآية جملة جملة ، فيشرحها ويبيّن مواضع إغلاقها ، وربما تعرّض لأسباب النزول ، وذكر القراءات واللغة والإعراب ، وأحيانا جاء بأقوال السلف أو الخلف إن مسّت الحاجة إلى ذلك.
وهو تفسير جيد نافع ، جمع بين الاختصار والإيفاء بجوانب الكلام ، بما يفيد المطالع إفادة تامّة ، تجعل المراجع في غنى عن مراجعة أمّهات كتب التفسير ، على وجازته.
وجعل لتفسيره مقدمة جامعة في عشرين بابا ، ذكر فيها مسائل تفيد المراجع قبل الخوض في التفسير.
وحاول القرطبي في تفسيره هذا نبذ الإسرائيليات والموضوعات ، فتركها حسب وسعه ، كما فعله ابن عطية في «المحرّر الوجيز». وكانا موفّقين في هذا