فإن غالب ذلك متلقّى من أهل الكتاب ، وقد قال تعالى : (فَلا تُمارِ فِيهِمْ إِلَّا مِراءً ظاهِراً) أي سهلا هيّنا لينا ، فإنّ الأمر في معرفة ذلك لا يترتّب عليه كبير فائدة (وَلا تَسْتَفْتِ فِيهِمْ مِنْهُمْ أَحَداً) أي فإنّهم لا علم لهم بذلك إلا ما يقولونه من تلقاء أنفسهم ، رجما بالغيب ، أي من غير استناد إلى كلام معصوم ، وقد جاءك الله يا محمد بالحق الذي لا شك فيه ولا مرية فيه ، فهو المقدّم على كلّ ما تقدّمه من الكتب والأقوال» (١).
٢٣ ـ الإسرائيليات في قصة ذي القرنين
ومن الإسرائيليات التي طفحت بها بعض كتب التفسير ما يذكرونه في تفاسيرهم ، عند تفسير قوله تعالى : (وَيَسْئَلُونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ قُلْ سَأَتْلُوا عَلَيْكُمْ مِنْهُ ذِكْراً. إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ وَآتَيْناهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَباً فَأَتْبَعَ سَبَباً ...)(٢) و
قد ذكر ابن جرير في تفسيره بسنده ، عن وهب بن منبّه اليماني ـ وكان له علم بالأحاديث الأولى ـ أنه كان يقول : «ذو القرنين رجل من الروم ، ابن عجوز من عجائزهم ، ليس لها ولد غيره ، وكان اسمه الإسكندر ، وإنما سمّي ذا القرنين ؛ أن (٣) صفحتي رأسه كانتا من نحاس ، فلما بلغ وكان عبدا صالحا ، قال الله عزوجل له : يا ذا القرنين إني باعثك إلى أمم الأرض ، وهي أمم مختلفة ألسنتهم ، وهم جميع أهل الأرض ، ومنهم أمّتان بينهما طول الأرض كلّه ، ومنهم أمتان بينهما عرض الأرض
__________________
(١) تفسير ابن كثير عند قوله تعالى : (سَيَقُولُونَ ثَلاثَةٌ رابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ) ، ج ٣ ، ص ٧٨.
(٢) الكهف / ٨٣ وما بعدها.
(٣) أي لأن.