وغيرها ، والشواهد على ذلك كثير.
وظلّ الأمر على ذلك إلى عهد ظهور أئمّة المذاهب والفقهاء المستنبطين من الكتاب والسنة. وفيه وجدت حوادث للمسلمين لم يسبق لمن تقدّم عليهم حكم عليها ؛ حيث لم تكن في عهدهم ولم تكن مورد ابتلائهم حينذاك ، وهي التي اصطلحوا على تسميتها ب «المسائل المستحدثة» ولا تزال تتجدّد مسائل هي تمس حياة المسلمين ، في مختلف شئونهم الفردية والاجتماعية ، السياسية والإدارية وغيرها. وهي كثير في كثير.
فكان كل فقيه ينظر في القرآن قبل كل شيء ليحلّ تلك المشاكل ، ويجيب على تلكم المسائل ، في ظل توجيهاته الكريمة ، ويحكم عليها بالحكم الذي ينقدح في ذهنه ، ويعتقد أنه الصحيح في رأيه ، ويدعمه بما لديه من أدلة وبراهين. وهذه الاستنباطات كان منها ما يتفق فيه آراء الفقهاء ، وكان منها ما تختلف. ولكن من غير أن تظهر منهم بادرة تعصّب في هذا الاختلاف ، وإنما هو مجرد اختلاف نظر ، قابل للتفاهم والتشاور أحيانا ؛ لأن الكل كانوا ينشدون الحق ويطلبون حكم الله الصحيح ، وليس بعزيز على الواحد منهم ـ وهم جميعا يخلصون العمل لله ـ أن يرجع إلى رأي مخالفه إن ظهر له الحق في جانبه.
وكان من نتيجة تلكم الخلافات في استنباط مباني الأحكام من القرآن الكريم ، أن دوّنت كتب مخصّصة لعرض الخلاف والوفاق ، في فهم معاني آيات الأحكام.
أحكام القرآن ـ للجصّاص الحنفي
هو أبو بكر أحمد بن علي الرازي المشهور بالجصّاص ، توفّي سنة (٣٧٠). كان إمام الحنفيّة في وقته وإليه انتهت رئاسة الأصحاب. صاحب التآليف الكثيرة ،