الإنابة.
ومثل الأنبياء في علوّ شأنهم ، وقوّة ثقتهم بالله والتوكّل عليه أن لا تعلّق نفوسهم بمثل هذه الظنون بالأبرياء ، ومثل هذا الظنّ وإن لم يكن ذنبا في العادة ، إلا أنه بالنسبة للأنبياء يعتبر خلاف الأولى والأليق بهم ، وقديما قيل : «حسنات الأبرار سيئات المقرّبين» ، فالرجلان خصمان حقيقة ، وليسا ملكين كما زعموا ، والنعاج على حقيقتها ، وليس ثمة رموز ولا إشارات. وهذا التأويل هو الذي يوافق نظم القرآن ويتّفق وعصمة الأنبياء ، فالواجب الأخذ به ، ونبذ الخرافات والأباطيل ، التي هي من صنع بني إسرائيل ، وتلقّفها القصّاص وأمثالهم ممن لا علم عندهم ، ولا تمييز بين الغثّ والسمين.
٣٠ ـ الإسرائيليات في قصة سليمان عليهالسلام
ومن الإسرائيليات ما يذكره بعض المفسرين عند تفسير قوله تعالى : (وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمانَ وَأَلْقَيْنا عَلى كُرْسِيِّهِ جَسَداً ثُمَّ أَنابَ)(١).
وقد ذكر الكثير منها في تفاسيرهم ، ابن جرير ، وابن أبي حاتم ، والثعلبي ، والبغوي ، وغيرهم. وذكر كل ما روي من ذلك من غير تمييز بين الصحيح والضعيف ، والغثّ والسمين ، السيوطي ، في «الدر المنثور» وليته إذ فعل نقد كل رواية ، وبيّن منزلتها من القبول والرد ، وما هو من الإسرائيليات ، وما ليس منها. قال السيوطي في «الدر» : أخرج النسائي ، وابن جرير ، وابن أبي حاتم ، بسند قوي عن ابن عباس قال :
__________________
(١) ص / ٣٤.