والتطبيق من خواص العقل في الإنسان ، والقرآن يعالج بناء هذا الإنسان نفسه ، بناء شخصيته وضميره وعقله وتفكيره ، كما يعالج بناء المجتمع الإنساني الذي يسمح لهذا الإنسان بأنه يحسن استخدام هذه الطاقات المذخورة فيه» (١).
الميزان في تفسير القرآن
تأليف العلّامة الحكيم السيد محمد حسين الطباطبائي ، من رجالات الفكر الإسلامي القلائل الذين انتجتهم الحياة العلمية الإسلامية في العصر الأخير. ولد بتبريز سنة (١٣٢١ ه) وتوفّي بقم سنة (١٤٠٢ ه).
وهو تفسير جامع حافل بمباحث نظريّة تحليليّة ذات صبغة فلسفية في الأغلب ، جمع فيه المؤلّف إلى جانب الأنماط التفسيرية السائدة ، أمورا مما أثارته النّهضة الحديثة في التفسير ، فقد تصدّى لما يثيره أعداء الإسلام من شبهات ، وما يضلّلون به من تشويه للمفاهيم الإسلامية ، بروح اجتماعية واعية ، على أساس من القرآن الكريم ، وفهم عميق لنصوصه الحكيمة.
ولهذا التفسير القيّم مزايا جمّة نشير إلى أهمّها :
١ ـ جمع بين نمطي التفسير : الموضوعي والترتيبي ، فقد فسّر القرآن آية فآية وسورة فسورة. لكنه إلى جنب ذلك ، نراه يجمع الآيات المتناسبة بعضها مع البعض ، ليبحث عن الموضوع الجامع بينها ، كلما مرّ بآية ذات هدف موضوعي ، وكانت لها نظائر منبثّة في سائر القرآن.
٢ ـ عنايته التامّة بجانب الوحدة الموضوعية السائدة في القرآن ، كل سورة هي ذات هدف أو أهداف معيّنة ، هى تشكّل بنيان السورة بالذات ، فلا تتم السورة إلّا
__________________
(١) راجع : في ظلال القرآن ، ج ١ ، ص ٢٦٠ ، ج ٢ ، ص ٩٤.