أمير المؤمنين عليهالسلام أنه قال : من حدّث بحديث داود على ما يرويه القصّاص جلّدته مائة وستين جلدة ، وذلك حد الفرية على الأنبياء (١) ، وهو كلام مقبول ومروىّ عن الامام الصادق عليهالسلام أيضا (٢).
التفسير الصحيح الآيات
وإذا كان ما روي من الإسرائيليات الباطلة التي لا يجوز أن تفسّر بها الآيات ، فما التفسير الصحيح لها إذا؟
والجواب : أن داود عليهالسلام كان قد وزّع مهام أعماله ، ومسئولياته نحو نفسه ، ونحو الرعية على الأيام ، وخصّ كل يوم بعمل ، فجعل يوما للعبادة ، ويوما للقضاء وفصل الخصومات ، ويوما للاشتغال بشئون نفسه وأهله ، ويوما لوعظ بني إسرائيل.
ففي يوم العبادة بينما كان مشتغلا بعبادة ربه في محرابه ، إذ دخل عليه خصمان تسوّرا عليه من السور ، ولم يدخلا من المدخل المعتاد ، فارتاع منهما ، وفزع فزعا لا يليق بمثله من المؤمنين ، فضلا عن الأنبياء المتوكّلين على الله غاية التوكّل ، الواثقين بحفظه ، ورعايته ، وظن بهما سوءا ، وأنهما جاءا ليقتلاه ، أو يبغيا به شرا ، ولكن تبين له أن الأمر على خلاف ما ظن ، وأنهما خصمان جاءا يحتكمان إليه. فلما قضى بينهما ، وتبين له أنهما بريئان مما ظنه بهما ، استغفر ربه ، وخرّ ساجدا لله تعالى تحقيقا لصدق توبته والإخلاص له ، وأناب إلى الله غاية
__________________
(١) لأن حد القذف لغير الأنبياء ثمانين ، فرأى رضى الله عنه تضعيفه بالنسبة إلى الأنبياء وفي الكذب عليهم رمى لهم بما هم برآء منه ، ففيه معنى القذف لداود بالتّعدّي على حرمات الأعراض والتحايل في سبيل ذلك.
(٢) راجع الطبرسي ، ج ٨ ، ص ٤٧٢. والبحار ، ج ١٤ ، ص ٢٩ رقم ٦.